في حزم لا يعرف الالتواء، فهو لم يكن يخشى أن يواجه الناس برأيه في شجاعة نادرة، ويعتبر هذا واجبا دينيا. وقد جر عليه هذا كثيرا من العداءات، بل أن ذلك كان سببا في استشهاده.
قال الدارقطني: " كان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح من السقيم من الآثار، وأعرفهم بالرجال، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه، فخرج إلى الرملة فسئل عن فضائل معاوية، فأمسك عنه فضربوه في الجامع، فقال أخرجوني إلى مكة فأخرجوه وهو عليل.
فتوفي بمكة مقتولا شهيدا مع ما رزق من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره ".
وأبو عبد الرحمن كان كثير التردد على الشام يمر بها حاجا، كما أقام بها فترة من حياته يذكرون في ذلك أنه كان حاكما لحمص، وقد لمس من أهل الشام تعصبا لمعاوية وإيثارا للأموية وهجوما على علي بن أبي طالب، فدفعه ذلك إلى أن يصنف كتاب " خصائص علي " رجاء أن يهديهم الله به.
ولا بد أن كثيرا من الناس كان يتعرض له، ويتحرش به، وكان أبو عبد الرحمن لا يؤثر الدعة والمهادنة، بل كان على العكس من ذلك يعمد إلى الأجوبة التي تثير الخصوم وتؤجج نار الحفيظة في نفوسهم.
قيل له: ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال: وماذا أخرج حديث " اللهم لا تشبع بطنه " فسكت السائل.
وقد فارق النسائي مصر عام 302 ه واتجه إلى دمشق، واجتمع الناس عليه في المسجد الجامع وأكثرهم من حاسديه وكارهي مذهبه، فسألوه أن يحدثهم عن فضائل معاوية، فقال: أما يكفي معاوية أن