فهذا لا يكون عيبا على الشافعي بل على الناقل فإن الشافعي لم يقل لي فيها قولان بل قال فيها قولان فإذا جزم الراوي بكونهما قولين للشافعي كان العيب على الناقل وثانيهما لعل مراد الشافعي بقوله فيها قولان أن في المسألة احتمالين يمكن أن يقول بهما قائل وذلك إذا كان ما سوى ذينك القولين ظاهر البطلان فأما ذانك القولان فيكونان قويين بحيث يمكن نصرة كل واحد منهما بوجوه جلية ظاهرة ولا يقدر على تمييز الحق منهما عن الباطل إلا البالغ في التحقيق فلا جرم أفردهما بالذكر دون سائر الوجوه وكما أنه يجوز أن يقال للخمر التي في الدن إنها مسكرة وللسكين أبي التي لم تقطع إنها قاطعة والمراد منه الصلاحية لا الوقوع فكذلك ها هنا ثم إنه لم يرجح أحدهما على الآخر لأنه لم يظهر له فيه وجه الترجيح ونقل الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عن الشيخ أبي حامد الأسفراييني أنه قال لم يصح عن الشافعي رضي الله عنه قولان على هذا الوجه إلا في سبع عشرة مسألة أقول وهذا أيضا يدل على كمال منصبه في العلم والدين أما العلم فلأن كل من كان أغوص نظرا وأدق فكرا وأكثر إحاطة
(٣٩٤)