أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٧١
ينبغي أن يكون آخرها يوم عرفة، وقول من كره صوم يوم عرفة واستحب انتهاءها قبل يوم عرفة. والله تعالى أعلم.
تنبيه إذا فرغ المتمتع من عمرته، وكان لم يسق هديا فإن له التحلل التام، فله مس الطيب والاستمتاع بالنساء، وكل شيء حرم عليه بإحرامه، فإن كان ساق الهدي ففيه للعلماء قولان:
أحدهما: أن له التحلل أيضا، لأن الله يقول في التمتع * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) * ولا يمنعه سوق الهدي من ذلك، لأنه متمتع.
والقول الثاني: أنه لا يجوز له الإحلال حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر، واستدل من قال بهذا بحديث: حفصة رضي الله عنها، الذي قدمناه أنها قالت له صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ فقال (إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر) وكلا القولين قال به جماعة من الأئمة رضي الله عنهم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي: أن له أن يحل من إحرامه، ولكنه يؤخر ذبح هدي تمتعه، حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، كما قدمنا إيضاحه. والاحتجاج بحديث حفصة المذكور لا ينهض كل النهوض لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا، فحديثها ليس في محل النزاع، لأن النزاع فيمن أحرم بعمرة يريد التحلل منها. والإحرام بالحج بعد ذلك. هل يمنعه سوق الهدي من التحلل؟ وحديث حفصة في القران، والقران ليس محل نزاع، وقولها: ولم تحلل أنت من عمرتك. تعني: عمرته المقرونة مع الحج، لا عمرة مفردة بإحرام، دون الحج كما هو معلوم، وكما تقدم إيضاحه.
ومما يوضحه أنه صلى الله عليه وسلم قال (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة) فدل على أنه لم يجعلها عمرة مفردة الذي هو محل النزاع، لأن ظاهره أنها لو كانت مفردة لكان له الإحلال منها مطلقا، ولا حجة في قوله (لما سقت الهدي) لأنه ساقه لقران لا لعمرة مفردة عن الحج.
وقال النووي: فإن قيل: قد ثبت في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة، حتى قدمنا مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»