أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٧٧
الدلالة منه أن قوله في الميزان يعني في الموزون؛ لأن نفس الميزان ليست من أموال الربا واستدلوا أيضا بحديث أبي سعيد المتقدم الذي أخرجه الحاكم من طريق حيان بن عبيد الله فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والذهب بالذهب والفضة بالفضة يدا بيد عينا بعين مثلا بمثل فمن زاد فهو ربا ثم قال: وكذلك ما يكال أو يوزن أيضا وأجيب من جهة المانعين بأن حديث الدارقطني لم يثبت وكذلك حديث الحاكم وقد بينا سابقا ما يدل على ثبوت حديث حيان المذكور وقد ذكرنا آنفا كلام الشوكاني في أن حديث الدارقطني أخرجه البزار أيضا وأنه يشهد لصحته حديث عبادة بن الصامت وغيره من الأحاديث وأن الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة وقال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق سيىء الحفظ وكان عابدا مجاهدا ومراد الشوكاني بحديث عبادة المذكور هو ما أخرجه عنه مسلم والإمام أحمد والنسائي وابن ماجة وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم اه. فإن قوله صلى الله عليه وسلم: سواء بسواء مثلا بمثل يدل على الضبط بالكيل والوزن وهذا القول أظهرها دليلا.
وأجابوا عن حديث أبي سعيد المتفق عليه بثلاثة أجوبة.
الأول: جواب البيهقي قال: وقد قيل: إن قوله وكذلك الميزان من كلام أبي سعيد الخدري موقوف عليه.
الثاني: جواب القاضي أبي الطيب وآخرين أن ظاهر الحديث غير مراد؛ لأن الميزان نفسه لا ربا فيه وأضمرتم فيه الموزون ودعوى العموم في المضمرات لا تصح.
الثالث: حمل الموزون على الذهب والفضة جمعا بين الأدلة والظاهر أن هذه الإجابات لا تنهض؛ لأن وقفه على أبي سعيد خلاف الظاهر وقصد ما يوزن بقوله: وكذلك الميزان لا لبس فيه وحمل الموزون على الذهب والفضة فقط خلاف الظاهر والله تعالى أعلم.
وفي علة الربا في الأربعة مذاهب أخر غير ما ذكرنا عن الأئمة الأربعة ومن
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»