تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٥
الأنصار من أهل المدينة والمهاجرين من أهل مكة. وقال قتادة: يعنى النبيين الذين قص الله عز وجل. قال النحاس: وهذا القول أشبه بالمعنى، لأنه قال بعد: " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ". وقال أبو رجاء: هم الملائكة. وقيل: هو عام في كل مؤمن من الجن والإنس والملائكة. والباء في " بكافرين " زائدة (على جهة (1)) التأكيد.
قوله تعالى: أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين (90) قوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) فيه مسألتان:
الأولى قوله تعالى: (فبهداهم اقتده) الاقتداء طلب موافقة الغير في فعله. فقيل:
المعنى أصبر كما صبروا. وفيل: معنى " فبهداهم اقتده " التوحيد والشرائع مختلفة. وقد احتج بعض العلماء بهذه الآية على وجوب أتباع شرائع الأنبياء فيما عدم فيه النص، كما في صحيح مسلم وغيره: أن أخت الربيع (2) أم حارثة جرحت إنسانا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: " القصاص القصاص " فقالت أم الربيع: يا رسول الله أيقتص من فلانة؟! والله لا يقتص منها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله يا أم الربيع القصاص كتاب الله). قالت: والله لا يقتص منها أبدا. قال: فما زالت (3) حتى قبلوا الدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره). فأحال رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس (4) " الآية. وليس في كتاب الله تعالى نص على القصاص في السن إلا في هذه الآية، وهي خبر عن شرع التوراة ومع ذلك فحكم بها وأحال عليها. وإلى هذا ذهب معظم أصحاب مالك وأصحاب الشافعي، وأنه يجب العمل بما وجد منها. قال ابن بكير: وهو الذي تقتضيه أصول مالك

(1) من ك و ز.
(2) الربيع: بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتية المكسورة بعدها عين مهملة.
أما أم الربيع فهي بفتح الراء وكسر الموحدة وتخفيف الياء. راجع شرح النوري على صحيح مسلم باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها فقيه كلام طويل عن هذه القصة.
(3) في ك وز. فما زالوا.
(4) راجع ج 6 ص 191.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»