تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٨٢
والخبر السادس: روى القاضي أبو بكر في " الهداية " أن عيسى بن مريم عليهما السلام دعا ربه أن يريه موضع الشيطان من بني آدم، فأراه ذلك فإذا رأسه مثل رأس الحية واضع رأسه على قلبه، فإذا ذكر الله تعالى خنس، وإذا لم يذكره وضع رأسه على حبة قلبه.
والخبر السابع: قوله عليه السلام: " إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم " وقال: " ما منكم أحد إلا وله شيطان " قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا، إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم " والأحاديث في ذلك كثيرة، والقدر الذي ذكرناه كاف. خلق الجن من النار:
المسألة الثالثة: في بيان أن الجن مخلوق من النار: والدليل عليه قوله تعالى: * (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) * (الحجر: 27) وقال تعالى حاكيا عن إبليس لعنه الله أنه قال: * (خلقتني من نار وخلقته من طين) * (الأعراف: 12) واعلم أن حصول الحياة في النار غير مستبعد، ألا ترى أن الأطباء قالوا: المتعلق الأول للنفس هو القلب والروح، وهما في غاية السخونة، وقال جالينوس: إني بقرت مرة بطن قرد فأدخلت يدي في بطنه، وأدخلت أصبعي في قلبه فوجدته في غاية السخونة بل تزيد، ونقول: أطبق الأطباء على أن الحياة لا تحصل إلا بسبب الحرارة الغريزية، وقال بعضهم: الأغلب على الظن أن كرة النار تكون مملوءة من الروحانيات. سبب تسمية الجن جنا:
المسألة الرابعة: ذكروا قولين في أنهم لم سموا بالجن، الأول: أن لفظ الجن مأخوذ من الاستتار، ومنه الجنة لاستتار أرضها بالأشجار، ومنه الجنة لكونها ساترة للإنسان، ومنه الجن لاستتارهم عن العيون، ومنه المجنون لاستتار عقله، ومنه الجنين لاستتاره في البطن ومنه قوله تعالى: * (اتخذوا أيمانهم جنة) * (المجادلة: 16، المنافقون: 2) أي وقاية وسترا، واعلم أن هذا القول يلزم أن تكون الملائكة من الجن لاستتارهم عن العيون، إلا أن يقال: إن هذا من باب تقييد المطلق بسبب العرف. والقول الثاني: أنهم سموا بهذا الاسم لأنهم كانوا في أول أمرهم خزان الجنة والقول الأول أقوى. طوائف المكلفين:
المسألة الخامسة: اعلم أن طوائف المكلفين أربعة: الملائكة، والإنس، والجن، والشياطين، واختلفوا في الجن والشياطين فقيل: الشياطين جنس والجن جنس آخر، كما أن الإنسان جنس والفرس جنس آخر، وقيل: الجن منهم أخيار ومنهم أشرار والشياطين اسم لأشرار الجن. تسلط الجن على الإنس:
المسألة السادسة: المشهور أن الجن لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر، وأنكر أكثر المعتزلة ذلك، أما المثبتون فقد احتجوا بوجوه: الأول: أنه إن كان الجن عبارة عن موجود
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»