المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٩
في المال حق سوى الزكاة وذلك للمسكين وابن السبيل حق وبين أن حق هذين إنما هو في المال وغير ذلك معهما لا غناء له وكذلك يلزم القريب المعدم الذي يقضي حقه أن يقضي أيضا حق قريبه في جودة العشرة و * (وجه الله) * هنا جهة عبادته ورضاه و * (المفلحون) * الفائزون ببغيتهم البالغون لآمالهم قوله عز وجل من سورة الروم آية 39 - 41 قرأ جمهور القراء وما آتيتم بمعنى وما أعطيتم وقرأ ابن كثير ما أتيتم بغير مد بمعنى ما فعلتم كما تقول أتيت صوابا وأتيت خطأ وأجمعوا على المد في قوله * (وما آتيتم من زكاة) * والربا الزيادة واختلف المتأولون في معنى هذه الآية فقال ابن عباس وابن جبير وطاوس هذه آية نزلت في هبات الثواب قال الفقيه الإمام القاضي وما جرى مجراها مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه كالسلم وغيره فهو وإن كان لا إثم فيه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى وقال ابن عباس أيضا وإبراهيم النخعي نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضل عليهم وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع وقال الشعبي معنى الآية أن ما خدم الإنسان به أحدا وخف به لينتفع في دنياه فإن ذلك النفع الذي يجزى به الخدمة " لا يربو عند الله " قال الفقيه الإمام القاضي وهذا كله قريب جزء من التأويل الأول ويحتمل أن يكون معنى هذه الآية النهي عن الربا في التجارات لما حض عز وجل على نفع ذوي القربى والمساكين وابن السبيل أعلم أن ما فعل المرء من ربا ليزداد به مالا وفعله ذلك إنما هو في أموال الناس فإن ذلك " لا يربو عند الله " ولا يزكو بل يتعلق فيه الإثم ومحق البركة وما أعطى الإنسان من زكاة تنمية لماله وتطهيرا يريد بذلك وجه الله تعالى فذلك هو الذي يجازى به أضعافا مضاعفة على ما شاء الله تعالى له وقال السدي نزلت هده الآية في ربا ثقيف لأنهم كانوا يعملون بالربا وتعمله فيهم قريش وقرأ جمهور القراء السبعة ليربو بالياء وإسناد الفعل إلى الربا وقرأ نافع وحده لتربوا بضم التاء على وزن تفعلوا بمعنى تكونوا ذوي زيادة وهذه قراءة ابن عباس وأهل المدينة الحسن وقتادة وأبي رجاء والشعبي قال أبو حاتم هي قراءتنا وقرأ أبو مالك لتربوها بضمير المؤنث والمضعف الذي هو ذو أضعاف من الثواب كما المؤلف الذي له آلاف وكما تقول أخصب إذا كان ذا خصب وهذا كثير ومنه أربى المتقدم في قراءة من قرأ لتربوا بضم التاء ثم كرر مخاطبة الكفرة في أمر أوثانهم فذكر أفعال الله تعالى التي لا شريك له فيها وهي الخلق والرزق والإماتة والإحياء ولا يمكن أن ينكر ذلك عاقل ووقف الكفار على جهة التقرير والتوبيخ هل من شركائهم أي الذين
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»