المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
فإنه يروي على حين بفتح النون وعلى حين بكسرها وقرأ عاصم وحمزة والكسائي من فزع بالتنوين وترك الإضافة ولا يجوز مع هذه القراءة إلا فتح الميم من يومئذ والسيئة التي هي في هذه الآية هي الكفر والمعاصي فيمن ختم الله تعالى عليه من أهل المشيئة بدخول النار و * (كبت) * معناه جعلت تلي النار وجاء هذا كبا من حيث خلقتها في الدنيا تعطي ارتفاعها وإذا كبت الوجوه فسائر البدن أدخل في النار إذ الوجه موضع الشرف والحواس وقوله * (هل تجزون) * بمعنى يقال لهم ذلك وهذا على جهة التوبيخ وقوله " إنما أمرت " بمعنى قل يا محمد لقومك " إنما أمرت " و * (البلدة) * ألمشار إليها مكة وقرأ جمهور الناس الذي حرمها وقرأ ابن عباس وابن مسعود التي حرمها وأضاف في هذه الآية التحريم إلى الله تعالى من حيث ذلك بقضائه وسابق علمه وأضافه النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبراهيم في قوله إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة من حيث كان ظهور ذلك بدعائه ورغبته وتبليغه لأمته فليس بين الآية والحديث تعارض وفي قوله * (حرمها) * تعديد نعمته على قريش في رفع الله تعالى عن بلدهم الغارات والفتن الشائعة في جميع بلاد العرب وقوله " وله كل شيء " معناه بالملك والعبودية وقرأ جمهور الناس أن أتلو عطفا على قوله * (أن أكون) * وقرأ ابن مسعود وأن أتل القرآن بمعنى وقيل لي أتل القرآن واتل معناه تابع بقراءتك بين آياته واسرده وتلاوة القرآن سبب الاهتداء إلى خير كثير وقوله * (فمن اهتدى) * معناه من تكسب الهدى والإيمان ونظر نظرا ينجيه ف " لنفسه " سعيه.
قال القاضي أبو محمد فنسبة الهدى والضلال إلى البشر في هذه الآية إنما هي بالتكسب والحرص والحال التي يقع عليها الثواب والعقاب والكل أيضا من الله تعالى بالاختراع وقوله * (سيريكم آياته) * توعد بعذاب الدنيا كبدر والفتح ونحوه وبعذاب الآخرة وقرأ جمهور القراء عما يعملون وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم عما تعملون بالتاء من فوق على مخاطبتهم.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»