المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٨
استئذان فأخرج الله تعالى الذين لا يستأذنون عن صنيفة المؤمنين وأمر النبي عليه السلام أن يأذن للمؤمن الذي لا تدعوه ضرورة إلى حبسه وهو الذي يشاء ثم أمره بالاستغفار لصنفي المؤمنين من أذن له ومن لم يؤذن له وفي ذلك تأنيس للمؤمنين ورأفة بهم.
قوله عز وجل سورة النور 6364 هذه الآية مخاطبة لجميع معاصري رسول الله وأمرهم الله أن لا يجعلوا مخاطبة رسول الله في النداء كمخاطبة بعضهم لبعض فإن سيرتهم كانت التداعي بالأسماء وعلى غاية البداوة وقلة الاهتبال فأمرهم الله تعالى في هذه الآية وفي غيرها أن يدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأشرف أسمائه وذلك هو مقتضى التوقير والتعزيز فالمنبغي في الدعاء أن يقول يا رسول الله وأن يكون ذلك بتوقير وخفض صوت وبر وأن لا يجري ذلك على عادتهم بعضهم في بعض قاله مجاهد وغيره وقال ابن عباس المعنى في هذه الآية إنماهو لا تحسبوا دعاء الرسول عليكم * (كدعاء بعضكم) * على بعض أي دعاؤه عليكم مجاب فاحذروه.
قال الفقيه الإمام القاضي ولفظ الآية يدفع هذا المعنى والأول أصح ثم أخبرهم تعالى أن المتسللين منهم * (لواذا) * قد علمهم واللواذ الروغان والمخالفة وهو مصدر لاوذ وليس بمصدر لاذ لأنه كان يقال له لياذا ذكره الزجاج وغيره ثم أمرهم بالحذر من عذاب الله ونقمته إذا خالفوا عن أمره وقوله * (يخالفون عن أمره) * معناه يقع خلافهم بعد أمره وهذا كما تقول كان المطر عن ريح وعن هي لما عدا الشيء والفتنة في هذاالموضع الإخبار بالرزايا في الدنيا وبالعذاب الأليم في الآخرة ولا بد للمنافقين من أحد هذين ملكا وخلفا ثم أخبرهم أنه قد علم ما أهل الأرض والسماء عليه وخص منهم بالذكر المخاطبين لأن ذلك موضع الحجة عليهم وهم به أعني وقوله * (ويوم يرجعون) * يجوز أن يكون معمولا لقوله * (يعلم) * ويجوز أن يكون التقدير والعلم الظاهر لكم أو نحو هذا يوم فيكون النصب على الظرف وقرأ الجمهور يرجعون بضم الياء وفتح الجيم وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق وأبو عمرو يرجعون بفتح الياء وكسر الجيم وقال عقبة بن عامر الجهني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية خاتمة النور فقال والله بكل شيء بصير وباقي الآية بين.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»