وإبراهيم الخليل وبنوه معظمون في جميع الأمم والملل صلى الله عليهم أجمعين.
قوله عز وجل سورة مريم الآية 51 55 هذا أمر من الله عز وجل بذكر * (موسى) * بن عمران عليه السلام على جهة التشريف له وأعلمه ب * (إنه كان مخلصا) * وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر مخلصا بكسر اللام وهي قراءة الجمهور أي أخلص نفسه لله وقرأ حمزة والكسائي وعاصم مخلصا بفتح اللام وهي قراءة أبي رزين ويحيى وقتادة أي أخلصه الله للنبوءة والعبادة كما قال تعالى * (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) * والرسول من الأنبياء الذي يكلف تبليغ أمة وقد يكون نبيا غير رسول وقوله * (وناديناه) * هو تكليم الله تعالى و * (الطور) * الجبل المشهور بالشام وقوله * (الأيمن) * صفة للجانب وكانت على يمين موسى بحسب وقوفه فيه وإلا فالجبل نفسه لا يمنة له ولا يسرة ولا يوصف بشيء من ذلك إلا بالإضافة إلى ذي يمين ويسار ويحتمل أن يكون قوله * (الأيمن) * مأخوذا من اليمن كأنه قال الأبرك والأسعد فيصح على هذا أن يكون صفة للجانب وللجبل بجملته وقوله * (وقربناه نجيا) * قال الجمهور هو تقريب التشريف بالكلام والنبوءة وقال ابن عباس بل أدني موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام وقال ميسرة وقال سعيد أردفه جبريل و النجي فعيل من المناجاة وهي المسارة بالقول وقال قتادة * (نجيا) * معناه نجا بصدقة وهذا مختل وإنما النجي المنفرد بالمناجاة وكان * (هارون) * عليه السلام أسن من موسى وطلب من الله أن يشد أزره بنبوته ومعونته فأجابه الله تعالى إلى ذلك وعدها في نعمه عليه وقوله تعالى * (واذكر في الكتاب إسماعيل) * هو أيضا من لسان الصدق والشرف المضمون بقاؤه على آل إبراهيم عليه السلام و * (إسماعيل) * هو أبوه العرب اليوم وذلك أن اليمنية والمضرية ترجع إلى ولد * (إسماعيل) * وهو الذي أسكنه أبو بواد غير ذي زرع وهو الذبيح في قوله الجمهور وقالت فرقة الذبيح إسحاق.
قال القاضي أبو محمد والأول يترجح بجهات منها قول الله تبارك وتعالى ومن وراء إسحاق يعقوب فولد قد بشر أبواه أنه سيكون منه ولد هو حفيد لهم كيف يؤمر بعذ ذلك بذبحه وهذه العدة قد تقدمت وجهه أخرى وهي أن أمر الذبح لا خلاف بين العلماء أنه كان بمنى عند مكة وما روي قط أن إسحاق دخل تلك البلاد وإسماعيل بها نشأ وكان أبوه يزور مرارا كثيرة يأتي من الشام ويرجع من يومه على البراق وهو مركب الأنبياء وجهة أخرى وهي قول النبي عليه السلام أنا ابن الذبيحين وهو أبوه عبد الله لأنه فدي بالإبل من الذبح والذبيح الثاني هو أبوه إسماعيل وجهة أخرى وهي الآيات في سورة الصافات وذلك أنه لما فرغ من ذكر الذبح وحاله قال * (وبشرناه بإسحاق) * فترتيب تلك الآيات يكاد ينص على أن