والمواساة عند الحاجة بالمال والمعونة بكل وجه قال بنحو هذا الحسن وعكرمة وابن عباس وغيرهم وقال علي بن الحسين في هذه هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال.
قال القاضي أبو محمد والقول الأول أبين ويعضده العطف ب * (المسكين وابن السبيل) *.
* (وابن السبيل) * هنا يعم الغني والفقير إذ لكل واحد منهما حق وإن اختلفا وابن السبيل في آية الصدقة أخص والتبذير إنفاق المال في فساد أو في سرف في مباح وهو من البذر ويحتمل قوله تعالى * (المبذرين) * أن يكون اسم جنس ويحتمل أن يعني أهل مكة معينين وذكره النقاش وقوله تعالى * (إخوان) * يعني أنهم في حكمهم إذ المبذر ساع في فساد والشيطان أبدا ساع في فساد و * (إخوان) * جمع أخ من غير النسب وقد يشذ ومنه قوله تعالى في سورة النور * (أو إخوانهن أو بني إخوانهن) * والإخوة جمع أخ في النسب وقد يشذ ومنه قوله تبارك وتعالى * (إنما المؤمنون إخوة) * وقرأ الحسن والضحاك إخوان الشيطان على الإفراد وكذلك في مصحف أنس بن مالك ثم ذكر تعالى كفر الشيطان ليقع التحذير من التشبه به في الإفساد مستوعبا بينا وقوله تعالى * (وإما تعرض) * الضمير في * (عنهم) * عائد على من تقدم ذكره من المساكين وبني السبيل فأمر الله تعالى نبيه في هذه الآية إذا سأله منهم أحدا فلم يجد عنده ما يعطيه فقابله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعراض تأدبا منه في أن لا يرده تصريحا وانتظار الرزق من الله تعالى يأتي فيعطي منه أن يكون يؤنسه بالقول الميسور وهو الذي فيه الترجية بفضل الله تعالى والتأنيس بالميعاد الحسن والدعاء في توسعة الله تبارك وتعالى وعطائه وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي يرزقنا الله وإياكم من فضله ف الرحمة على هذا التأويل الرزق المنتظر وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقال ابن زيد الرحمة الأجر والثواب وإنما نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبى أن يعطيهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم منهم نفقة المال في فساد فكان يعرض عنهم رغبة الأجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم فأمره الله تعالى بان يقول لهم * (قولا ميسورا) * يتضمن الدعاء في الفتح لهم والإصلاح.
قال القاضي أبو محمد وقال بعض أهل التأويل الأول نزلت الآية في عمار بن ياسر وصنفه والميسور مفعول من لفظة اليسر تقول يسرت لك كذا إذا أعددته وقوله * (ولا تجعل يدك) * الآية روي عن قالون كل البصط بالصاد ورواه الأعشى عن أبي بكر واستعير لليد المقبوضة جملة عن الإنفاق المتصفة بالبخل الغل إلى العنق واستعير لليد التي تستنفد جميع ما عندها غاية البسط ضد الغل وكل هذا في إنفاق الخير وأما إنفاق الفساد فقليله وكثيره حرام وهذه الآية ينظر إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق والحديث بكامله والعلامة هنا لا حقة ممن يطلب من المستحقين فلا يجد ما يعطي والمسحور المنفه الذي قد استنفدت قوته تقول حسرت البعير إذا أتعبته حتى لم تبق له قوة فهو حسير ومنه قول الشاعر (لهن الوجى لم كن عونا على السرى * ولا زال منها ظالع وحسير) الطويل