المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٢
محرما.
ومعنى * (المحرم) * على الجبابرة وأن تنتهك حرمته ويستخف بحقه قاله قتادة وغيره.
وجمعه الضمير في قوله * (ليقيموا) * يدل على أن الله قد أعلمه أن ذلك الطفل سيعقب هنالك ويكون له نسل.
واللام في قوله * (ليقيموا) * هي لام كي هذا هو الظاهر فيها على أنها متعلقة ب * (أسكنت) * والنداء اعتراض ويصح أن تكون لام أمر كأن رغب إلى الله أن يوفقهم بإقامة الصلاة ثم ساق عبارة ملزمة لهم إقامة الصلاة وفي اللفظ على هذا التأويل بعض تجوز يربطه المعنى ويصلحه.
و * (أفئدة) * القلوب جمع فؤاد.
سمي بذلك لإنفاده مأخوذ من فأد ومنه المفتاد وهو مستوقد النار حيث يشوي اللحم.
وقرأ ابن عامر بخلاف * (فاجعل أفئدة) * بياء بعد الهمزة.
وقوله * (من الناس) * تبعيض ومراده المؤمنون قال مجاهد لو قال إبراهيم أفئدة الناس لازدحمت على البيت فارس والروم.
وقال سعيد بن جبير لحجته اليهود والنصارى.
و * (تهوى) * معناه تسير بجد وقصد مستعجل ومنه قول الشاعر أبو كبير (وإذا رميت به الفجاج رأيته * يهوي مخارمها هوي الأجدل) الكامل ومنه البيت المروي (تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن كأنجاسها) السريع وقرأ مسلمة بن عبد الله تهوي بضم التاء من أهوى وهو الفعل المذكور معدى بالهمزة وقرأ علي بن أبي طالب ومحمد بن علي ومجاهد تهوى بفتح التاء والواو.
وتعدي هذا الفعل وهو من الهوى لما كان مقترنا بسير وقصد.
وروي عن مسلم بن محمد الطائفي أنه لما دعا عليه السلام بان يرزق سكان مكة من الثمرات بعث الله جبريل فاقتلع بجناحه قطعة من أرض فلسطين وقيل من الأردن فجاء بها وطاف حول البيت بها سبعا ووضعها قريب مكة فهي الطائف وبهذه القصة سميت وهي موضع ثقيف وبها أشجار وثمرات وثم هي ركبة.
قوله عز وجل سورة إبراهيم 38 - 41 مقصد إبراهيم عليه السلام بقوله * (ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن) * التنبيه على اختصاره في الدعاء وتفويضه إلى ما علم الله من رغائبه وحرصه على هداية بنيه والرفق بهم وغير ذلك ثم انصرف إلى
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»