المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣١٥
وقوله * (لهم عذاب) * الآية آية وعيد أي لهم عذاب في دنياهم بالقتل والأسر والجدوب والبلايا في أجسامهم وغير ذلك مما يمتحنهم الله ثم لهم في الآخرة عذاب " أشق " من هذا كله وهو الاحتراق بالنار و " أشق " أصعب من المشقة والواقي الساتر على جهة الحماية من الوقاية.
وقوله تعالى " مثل الجنة " الآية قال قوم * (مثل) * معناه صفة وهذا من قولك مثلت الشيء إذا وصفته لأحد وقربت عليه فهم أمره وليس بضرب مثل لها وهو كقوله * (وله المثل الأعلى) * أي الوصف الأعلى.
ويظهر أن المعنى الذي يتحصل في النفس مثالا للجنة هو جري الأنهار وأن أكلها دائم.
وراجعه عند سيبويه فقدر قبل تقديره فيما يتلى عليكم أو ينص عليكم مثل الجنة.
وراجعه عند الفراء قوله * (تجري) * أي صفة الجنة أنها * (تجري من تحتها الأنهار) * ونحو هذا موجود في كلام العرب وتأول عليه قوم أن * (مثل) * مقحم وأن التقدير " الجنة التي وعد المتقون تجري ".
قال القاضي أبو محمد وفي هذا قلق.
وقرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود أمثال الجنة.
وقد تقدم غير مرة معنى قوله * (تجري من تحتها الأنهار) * وقوله * (أكلها) * معناه ما يؤكل فيها.
والعقبى والعاقبة والعاقب حال تتلو أخرى قبلها.
وباقي الآية بين.
وقيل التقدير في صدر الآية مثل الجنة جنة تجري قاله الزجاج فتكون الآية على هذا ضرب مثل لجنة النعيم في الآخرة.
قوله عز وجل سورة الرعد 36 - 39 اختلف المتأولون فيمن عنى بقوله * (الذين آتيناهم الكتاب) * فقال ابن زيد عنى به من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وشبهه.
قال القاضي أبو محمد والمعنى مدحهم بأنهم لشدة إيمانهم يسرون بجميع ما يرد على النبي صلى الله عليه وسلم من زيادات الشرع.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»