تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٧٦
البقرة (143 _ 144)) لأن الله تعالى وصف هذه الأمة بالعدالة والعدل هو المستحق للشهادة وقبولها فإذا اجتمعوا على شيء وشهدوا به لزم قبوله وأخرت صلة الشهادة أو لا وقدمت آخرا لأن المراد في الأول إثبات شهادتهم على الأمم وفى الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهم * (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) * أي وما جعلنا القبلة الجهة كنت عليها وهى الكعبة فالتي كنت عليها ليست بصفة للقبلة بل هي ثاني مفعول جعل روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بمكة إلى الكعبة ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة تأليفا لليهود ثم حول إلى الكعبة * (إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) * أي وما جعلنا القبلة التي تحب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أو لا بمكة إلا امتحانا للناس وابتلاء لنعلم الثابث على الإسلام الصادق فيه ممن هو على حرف ينكص على عقبيه لقلقلته يرجع فيرتد عن الإسلام عند تحويل القبلة قال الشيخ أبو منصور رحمه الله معنى قوله لنعلم أي لنعلم كائنا أو موجودا ما قد علمناه أنه يكون ويوجد فالله تعالى عالم في الأزل بكل ما أراد وجوده أنه يوجد في الوقت الذي شاء وجوده فيه و لا يوصف بأنه عالم في الأزل بأنه موجود كائن لأنه ليس بموجود في الأزل فكيف يعلمه موجودا فإذا صار موجودا يدخل تحت علمه الأزلي فيصير معلوما له موجودا كائنا والتغير عل المعلوم لا على العلم أو لتميز النابع من الناكص كما قال تعالى ليميز الله الخبيث من الطيب فوضع العلم موضع التميز لأن العلم به يقع التميز أو ليعلم رسول الله عليه الصلاة والسلام والمؤمنون وإنما أسند علمهم إلى ذاته لأنهم خواصه أو هو على ملاطفة الخطاب لمن لا يعلم كقولك لمن ينكر ذوب الذهب فليلقه في النار لنعلم أيذوب * (وإن كانت) * أي التحويلة أو الجعلة أو القبلة و إن هي المخففة واللام في * (لكبيرة) * أي ثقيلة شاقة وهى خبر كان واللام فارقة * (إلا على الذين هدى الله) * أي هداهم الله فحذف العائد أي إلا على الثابتين الصادقين في اتباع الرسول * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أي صلاتكم إلى بيت المقدس سمى الصلاة ايمانا لأن وجوبها على أهل الإيمان وقبولها من أهل الإيمان وأداؤها في الجمعة دليل الإيمان ولما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا كيف بمن مات قبل التحويل من إخواننا فنزلت ثم علل ذلك فقال * (إن الله بالناس لرؤوف) * مهموز مشبع حجازي وشامى وحفص رؤوف غيرهم بوزن فعل وهما المبالغة * (رحيم) * لا يضيع أجورهم والرأفة أشد من الرحمة وجمع بينهما كما في الرحمن الرحيم * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) * تردد وجهك وتصرف نظرك في جهة السماء وكان رسول
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»