الباء والاسم هو المسمى وعينه ذاته قال الله تعالى (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) أخبر أن اسمه يحيى ثم نادى الاسم فقال (يا يحيى) وقال (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها) وأراد الأشخاص المعبودة لأنهم كانوا يعبدون المسميات وقال (سبح اسم ربك) و (تبارك اسم ربك) ثم يقال للتسمية أيضا اسم فاستعماله في التسمية أكثر من المسمى فإن قيل ما معنى التسمية من الله لنفسه قيل هو تعليم للعباد كيف يستفتحون القراءة واختلفوا في اشتقاقه قال المبرد من البصريين هو مشتق من السمو وهو العلو فكأنه على علا معناه وظهر عليه وصار معناه لا تحته وقال ثعلب من الكوفيين هو من الوسم والسمة وهي العلامة وكأنه علامة لمعناه وعلامة للمسمى والأول أصح لأنه يصغر على سمي ولو كان من السمت لكان يصغر على الوسيم كما يقال في الوعد وعيد ويقال في تصريفه سميت ولو كان من الوسم لقيل وسمت قوله تعالى (الله) قال الخليل وجماعة هو اسم علم خاص لله عز وجل لا اشتقاق له كأسماء الأعلام للعباد مثل زيد وعمرو وقال جماعة هو مشتق ثم اختلفوا في اشتقاقه فقيل من أله إلاهة أي عبد عبادة وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما \ ويذرك وإلاهتك \ أي عبادتك معناه أنه المستحق للعبادة دون غيره وقيل أصله أله قال الله عز وجل (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق) قال المبرد هو قول العرب ألهت إلى فلان أي سكنت إليه قال الشاعر (ألهت إليها والحوادث جمة) فكأن الخلق يسكنون إليه ويطمئنون بذكره يقال ألهت إليه أي فزعت إليه وقال الشاعر (ألهت إليها والركائب وقف) وقيل أصل الإله ولاه فأبدلت الواو بالهمزة مثل وشاح وأشاح اشتقاقه من الوله لأن العباد يولهون إليه أي يفزعون إليه في الشدائد ويلجؤون إليه في الحوائج كما يوله كل طفل إلى أمه وقيل هو من الوله وهو ذهاب العقل لفقد من يعز عليك قوله (الرحمن الرحيم) قال ابن عباس رضي الله عنهما هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر واختلفوا فيهما منهم من قال هما بمعنى واحد مثل ندمان ونديم ومعناهما ذو الرحمة وذكر أحدهما بعد الآخر تطميعا لقلوب الراغبين وقال المبرد هو إنعام بعد إنعام وتفضل بعد تفضل ومنهم من فرق بينهما فقال للرحمن معنى العموم وللرحيم معنى الخصوص فالرحمن بمعنى الرزاق في الدنيا وهو على العموم لكافة الخلق والرحيم بمعنى المعافي في الآخرة والعفو في الآخرة للمؤمنين على الخصوص ولذلك قيل في الدعاء يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فالرحمن من يصل رحمته إلى الخلق على العموم والرحيم من يصل رحمته إليهم على الخصوص ولذلك يدعى غير الله رحيما ولا يدعى رحمن فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ والرحيم عام اللفظ خاص المعنى والرحمة إرادة الله الخير لأهله وقيل هي ترك عقوبة من يستحقها وإسداء الخير إلى من لا يستحق فهي على الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة فعل واختلفوا في آية التسمية فذهب قراء المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة إلى أنها ليست من فاتحة الكتاب ولا من غيرها من السور والافتتاح بها للتيمن والتبرك وذهب قراء مكة والكوفة
(٣٨)