* (إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون (58) قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين) * * الجذيذ، مثل الخفيف والخفاف، ومعناه: أنه قطعها وكسرها، أي: جعلها قطعة قطعة، وكسرة كسرة.
وفي القصة: أنهم لما مروا إلى عيدهم قالوا له: ألا تخرج معنا؟ فقال: لا، إني سقيم، ومعناه: ما برد بعد، ثم قال في نفسه: تالله لأكيدن أصنامكم، فسمعه رجل منهم، ومروا ولم يبق في البلد أحد، فجاء إلى بيت أصنامهم، ومعه فأس، وكان في البيت اثنان وسبعون صنما، بعضها من حجر، وبعضها من فضة، وبعضها من ذهب، وغير ذلك، والصنم الكبير من الذهب، وهو مكلل بالجوهر، وعيناه ياقوتتان تتقدان، وهو على هيئة عظيمة، فأخذ الفأس، وكسر الكل إلا الكبير، فإنه تركه وعلق الفأس في عنقه، وقيل: ربطه بيده، فهذا هو كيد الأصنام، ومعناه: [أنه] كادهم على ما يعتقدون فيهم، فهذا معنى قوله: * (فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم)، وأنشدوا في الجذاذ شعرا:
(جذذ الأصنام في محرابها * ذاك في الله العلي المقتدر) وقوله: * (لعلهم إليه يرجعون) فيه قولان: أحدهما: لعلهم عنده يرجعون من الشرك أي: عند هذا الفعل، والقول الثاني: لعلهم إلى الكبير يرجعون، ومعناه: أنهم إذا رأوا أمثال الصنم الكبير مقطعة مكسرة، وعرفوا أنه مثلهم، ولم يكن عندهم دفع، عرفوا أنه لا دفع عنده أيضا، وأما قول من قال: إن معنى الآية: * (لعلهم إليه يرجعون): أن الكبير هو الذي فعل بهم ذلك حمية وأنفة، فهو قول باطل؛ لأنه لا يدخل في عقل أحد أن الصنم الكبير يكسر الأصنام الصغيرة، وإنما علق الفأس في عنق الكبير تعييرا لهم وتبكيتا، وقيل: على طريق إلزام الحجة، فإن اعتقادهم يوجب هذا، وهو أن الكبير لا يرضى بالأصنام الصغار مع هو لو كانوا يعقلون.
قوله تعالى: * (قالوا من فعل هذا بآلهتنا) فيه تقدير، وهو أنهم رجعوا ودخلوا على الأصنام، فلما رأوها قالوا كذلك.