تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٥
* (أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون (41) ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون (42) ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو) * * به سرا وعلانية كالمؤمنين المخلصين، ومنهم من لا يؤمن به سرا كالمنافقين.
* (وربك أعلم بالمفسدين) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم) الآية، معناه: لي عملي وجزاؤه ولكم عملكم وجزاؤه. قوله: * (أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون) هذا مثل قوله: * (لكم دينكم ولي دين) ومثل قوله تعالى: * (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم).
قوله تعالى: * (ومنهم من يستمعون إليك) الآية، الاستماع: طلب السمع، وقد كانوا يطلبون سماع القرآن للرد والتكذيب به، لا للتفهم والإيمان به. وقوله: * (أفأنت تسمع الصم) الصمم: آفة تمنع من السماع، والمراد من الصمم هاهنا: صمم القلب؛ فإنهم لما لم يسمعوا القرآن للإيمان به وقبوله كأنهم لم يسمعوا، وجعلهم بمنزلة الصم، والصم: جمع الأصم. وقال الزجاج: قد كانوا يسمعون حقيقة؛ ولكن لشدة بغضهم وعداوتهم للنبي لم يستمعوا ليفهموا، فجعلهم كأن لم يسمعوا. قوله: * (ولو كانوا لا يعقلون) معناه: ولو كانوا جهالا.
قوله تعالى: * (ومنهم من ينظر إليك) النظر: طلب الرؤية بتقليب البصر، وأما نظر القلب: هو طلب العلم بالفكرة. وقوله: * (أفأنت تهدي العمي) جعلهم بمنزلة العمي؛ لأنهم لم ينظروا لطلب الحق، والمراد من العمى هاهنا: عمى القلب. ومنهم من قال: جعلهم بمنزلة العمى كما جعلهم بمنزلة الصم حيث لم ينتفعوا لا بأسماعهم ولا بأبصارهم.
وذكر ابن الأنباري حاكيا عن ابن قتيبة أنه استدل بهذه الآية على أن السمع أفضل
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»