وأخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى قال: أخبرني أبو صالح، حدثني الليث، حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس كان ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار فتبناه، كما تبنى رسول الله صلى الله عليه زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتى نزلت " * (ادعوهم لآبائهم) *) الآية.
(* (النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليآئكم معروفا كان ذلك فى الكتاب مسطورا * وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما) *) 2 قوله عز وجل: " * (النبي أولى) *) أحق " * (بالمؤمنين من أنفسهم) *) أن يحكم فيهم بما شاء فيجوز حكمه عليهم.
قال ابن عباس وعطا: يعني إذا دعاهم النبي (عليه السلام) إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي أولى بهم من طاعة أنفسهم، وقال مقاتل: يعني طاعة النبي (عليه السلام) أولى من طاعة بعضكم لبعض، وقال ابن زيد: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما أنت أولى بعبدك، فما قضى فيهم من أمر، جار، كما أن كل ما قضيت على عبدك جار. وقيل: إنه (عليه السلام) أولى بهم في امضاء الأحكام وإقامة الحدود عليهم لما فيه من مصلحة الخلق والبعد من الفساد. وقيل: إنه أولى بهم في الحمل على الجهاد وبذل النفس دونه، وقالت الحكماء: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، لان أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والنبي يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم، وقال أبو بكر الوراق: لأن النبي يدعوهم إلى العقل، وأنفسهم تدعوهم إلى الهوى، وقال بسام بن عبد الله العراقي: لأن أنفسهم تحترس من نار الدنيا، والنبي يحرسهم من نار العقبى.
وروى سفيان عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ " * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) *) وهو أب لهم.
وروى سفيان عن عمرو عن بجالة أو غيره قال: مر عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف " * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم) *) وهو أب لهم. فقال: يا غلام حكها. قال: هذا مصحف أبي، فذهب إليه فسأله، فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق