تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
وقال أبو عثمان: اجعلهم أبرارا أي مطيعين لك.
قوله تعالى: * (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) * [الآية: 20].
قال سهل: هو اتباع الشهوات وقضاء الأوطار ومتابعة النفس على ما تشتهيه من ركب هذه المراكب فقد ركب مركب الإعراض عن الله.
قال الواسطي رحمة الله عليه: من اسره شيء من الأكوان الفانية دق أو جل أو لاحظها بعينه أو بقلبه فقد دخل تحت خطاب قوله: * (أذهبتم طيباتكم) * الآية.
قال أبو عثمان: الناظر إلى الدنيا بعين الرضا والشهوة هو الآخذ بحظه منها والناقص حظه من الآخرة بقدرها.
قوله عز وعلا: * (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم) * [الآية: 26].
قال الحسين: خلق الله القلوب والأبصار وجعل عليها أغطية وستورا وأكنة وأقفالا فيهتك الستور بالنور ويرفع الحجب بالذكر ويفتح الأقفال بالقرب ويخرج من الأكنة بمشاهدة الآيات.
قال تعالى: * (فلما حضروه قالوا أنصتوا) * [الآية: 29].
سمعت الشيخ أبا سهل رضي الله عنه يقول: ليس في الحضرة إلا الذبول والخمود والسكوت تحت موارد الهيبة قال الله تعالى: * (فلما حضروه قالوا أنصتوا) *.
سمعت النصرآباذي يقول: هيبة المشاهدة إذا طالعت السرائر بحق يقينا لخرست الألسن من النطق في ذلك المشهد كالجن لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقرأ عليهم أوصى بعضهم بعضا بالإنصات * (فلما حضروه قالوا أنصتوا) *.
قال الواسطي رحمة الله عليه: لما شاهدوا عز الربوبية ظاهرا في أوصاف الربوبية اخرسهم المشهد لشدة الهيبة.
قال الحسين: أعلى ما أشار إليه الخلق العرش ثم انقطعت الإشارة والعبارة لأنه وراء الإشارة والعبارة قال الله تعالى: * (فلما حضروه قالوا أنصتوا) * أي انقطعوا عن العبارات التي يعود إليكم أولها وآخرها، وحارسة نظر إلى العرش فأخبر ولو نظر إلى رب العرش لخرس لقوله: * (أنصتوا) * لأنه مباين لكل ما خلق لا يسعه غيره ولا يحجبه سواه.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»