تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٧٥
قوله تعالى * (ومنهم من عاهد الله) * قال في رواية الكلبي نزلت الآية في شأن حاطب بن أبي بلتعة كان له مال في الشام فجهد بذلك جهدا شديدا فحلف بالله * (لئن آتانا من فضله) * يعني المال الذي بالشام * (لنصدقن) * منه ولأؤدين حق الله منه فلم يفعل لما أعطاه الله تعالى المال قال مقاتل نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري كان محتاجا فقال " لئن آتانا الله من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين " فابتلاه الله تعالى فرزقه ذلك وذلك أن مولى لعمر بن الخطاب قتل رجلا من المنافقين خطأ فدفع النبي صلى الله عليه وسلم ديته إلى عصبته وهو ثعلبة فبخل ومنع حق الله تعالى قال الفقيه حدثنا أبو الفضل بن أبي حفص قال حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا معاذ بن رفاعة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا فقال صلى الله عليه وسلم ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه قال ثم رجع إليه فقال يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا فقال ويحك يا ثعلبة أما ترضى أن تكون مثلي والله لو سألت الله تعالى أن يسيل علي الجبال ذهبا وفضة لسالت ثم رجع إليه ثالثا فقال يا رسول الله أدع الله لي أن يرزقني مالا فوالله لئن آتاني الله مالا لأؤدين لكل ذي حق حقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أرزق ثعلبة مالا فاتخذ غنما فنمت حتى ضاقت بها أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إليها ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة فتنحى بها وكان يشهد الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إليها ثم نمت فترك الجمعة والجماعات وجعل يتلقى الركبان ويقول ماذا عندكم من الخبر وما كان من أمر الناس فأنزل الله تعالى على رسوله * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) * [التوبة: 103] فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقات رجلا من الأنصار ورجلا من بني سليم وكتب لهما كتاب الصدقة وأمرهما أن يصدقا الناس وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله فأتيا ثعلبة وطلبا منه صدقة ماله فقال ثعلبة صدقا الناس فإذا فرغتما فمرا بي ففعلا فلما رجعا إليه وطلبا منه فأبى وقال ما هذه إلا أخية الجزية فانطلقا حتى أتيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله على رسوله * (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه) * فركب رجل من الأنصار هو ابن عم لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة فقال ويحك يا ثعلبة
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»