تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٦٣٩
ثم خوفهم بالموت ليهاجروا فقال عز وجل * (كل نفس ذائقة الموت) * لأنهم كانوا يخافون على أنفسهم بالخروج فقال لهم لا تخافوا فإن * (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) * في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم قرأ عاصم في رواية أبي بكر * (يرجعون) * بالياء بلفظ المغايبة على معنى الخبر عنهم وقرأ الباقون بالتاء على معنى الخطاب لهم ثم قال عز وجل * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) * يعني صدقوا بالله ورسوله * (وعملوا الصالحات) * يعني الطاعات وهاجروا فسمى الهجرة من الأعمال الصالحة لأنها كانت فريضة في تلك الأوقات * (لنبوئنهم) * يعني لننزلنهم ولنسكننهم * (من الجنة غرفا) * يعني غرفا من الجنة قرأ حمزة والكسائي " لنثوينهم " بالثاء وقرأ الباقون * (لنبوئنهم) * بالياء فمن قرأ بالثاء فهو من ثويت بالمكان يعني أقمت به كقوله * (وما كنت ثاويا في أهل مدين) * [القصص: 45] ومن قرأ بالباء يعني لننزلنهم وذكر عن الفراء أنه قال كلاهما واحد بوأته منزلا أي أنزلته وأثويته منزلا يعني أنزلته سواء كقوله * (وما كنت ثاويا) * ثم قال * (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين) * يعني ثوابهم ثواب الموحدين قوله عز وجل * (الذين صبروا) * على الهجرة ويقال صبروا على أمر الله تعالى * (وعلى ربهم يتوكلون) * يعني يثقون به ولا يهتمون للرزق لأنهم كانوا يقولون كيف نهاجر وليس لنا مال ولا معيشة فوعظهم الله ليعتبروا سورة العنكبوت 60 - 63 قال تعالى * (وكأين من دابة) * يعني وكم من دابة في الأرض أو من طائر في السماء * (لا تحمل رزقها) * معها ولا يجمع الغذاء إلا النملة والفأرة ويقال لا تخبئ رزقها ثم قال * (الله يرزقها وإياكم) * يعني يرزق الدواب حيث ما توجهت وإياكم إذا هاجرتم إلى المدينة * (وهو السميع) * لمقالتكم * (العليم) * بكم ثم قال عز وجل * (ولئن سألتهم) * يعني كفار مكة * (من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) * يعني من أين يكذبون بتوحيد الله عز وجل
(٦٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 631 632 633 634 635 636 637 638 639 640 641 » »»