تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٦١٣
إيمانهم حيث قال لهم أبو جهل وأصحابه ما رأينا أحدا أجهل منكم تركتم دينكم وأخذتم دينه فقالوا ما لنا لا نؤمن بالله فذلك قوله عز وجل " ويدرؤون بالحسنة السيئة " يعني يدفعون قول المشركين بالمعروف ويقال يدفعون الشرك بالإيمان ويقال يدفعون بالكلام الحسن الكلام القبيح ويقال يدفعون ما تقدم لهم من السيئات بما يعملون من الحسنات * (ومما رزقناهم ينفقون) * يعني يتصدقون قوله عز وجل * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) * يعني إذا سمعوا الشتم والأذى والقبيح لم يردوا عليهم ولم يكافئوهم به ولم يلتفتوا إليه يعني إذا شتمهم الكفار لم يشتغلوا بمعارضتهم بالشتم * (وقالوا لنا أعمالنا) * يعني ديننا * (ولكم أعمالكم) * يعني دينكم * (سلام عليكم) * يعني ردوا معروفا عليهم ليس هذا تسليم التحية وإنما هو تسليم المتاركة والمسالمة أي بيننا وبينكم المتاركة والمسالمة وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ويقال " السلام عليكم " يعني أكرمكم الله تعالى بالإسلام * (لا نبتغي الجاهلين) * أي لا نطلب دين الخاسرين ولا نصحبهم ويقال هذه الآية مدنية نزلت في شأن عبد الله بن سلام وروى أسباط عن السدي قال لما أسلم عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال يا رسول الله ابعث إلى قومي فاسألهم عني فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ستر بينهم وبينه سترا وقال أخبروني عن عبد الله بن سلام كيف هو فيكم قالوا ذاك سيدنا وأعلمنا قال أرأيتم إن آمن بي وصدقني أتؤمنون بي وتصدقوني قالوا هو أفقه من أن يدع دينه ويتبعك قال أرأيتم إن فعل قالوا لا يفعل قال أرأيتم إن فعل قالوا إنه لا يفعل ولو فعل إذا نفعل فقال عليه السلام أخرج يا عبد الله فخرج فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فوقعوا فيه وشتموه وقالوا ما فينا أحد أقل علما ولا أجهل منك قال ألم تثنوا عليه آنفا قالوا إنا إستحينا أن نقول إغتبتم صاحبكم فجعلوا يشتمونه وهو يقول * (سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) * فقال ابن يامين وكان من رؤساء بني إسرائيل أشهد أن عبد الله بن سلام صادق فابسط يدك يا محمد فبسط يده فبايع ابن يامين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل * (الذين آتيناهم الكتاب من قبله) * إلى قوله * (ومما رزقناهم ينفقون) * وإلى قوله * (لا نبتغي الجاهلين) * سورة القصص 56 - 57
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»