تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٤
الرعاء عن الماء ونسقي بفضلهم لأنا لا نقدر أن نستقي وأن نزاحم الرجال وإذا صدروا سقينا من فضل مواشيهم ومن قرأ * (يصدر) * بالضم فهو من أصدر يصدر والمعنى حتى يصدر الرعاة أغنامهم * (وأبونا شيخ كبير) * لم يقدر على الخروج وليس له عون يعينه غيرنا فرجع الرعاة ووضعوا صخرة على البئر فانتهى موسى إلى البئر وقد أطبقت عليها الصخرة فاقتلعها ثم سقى لهما حتى أروتا أغنامهما وقال في رواية الكلبي كان للبئر دلو يجتمع عليه أربعون رجلا حتى يخرجوه من البئر فأتى موسى أهل الماشية فسألهم أن يهيئوا له دلوا من الماء فقالوا إن شئت أعطيناك الدلو على أن تسقي أنت فقال نعم فأخذ موسى عليه السلام الدلو فسقى بها وحده فصب في الحوض ثم قربتا غنمهما فشربت فذلك قوله عز وجل * (فسقى لهما) * يعني أغنامهما * (ثم تولى إلى الظل) * يعني تحول إلى ظل الشجرة * (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) * أي لما أنزلت إلي من الطعام فأنا محتاج إلى ذلك وهو أنه كان جائعا فسأل ربه عز وجل ولم يسأل الناس ففطنت الجاريتان فلما رجعتا إلى أبيهما أخبرتاه بالقصة فقال أبوهما هذا رجل جائع وقال لإحداهما إذهبي فادعيه فلما أتته عظمته وغطت وجهها وقالت إن أبي يدعوك فذلك قوله عز وجل * (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) * يعني على حياء لأنها كانت مقنعة ولم تك متبرجة ويقال * (على استحياء) * يعني على حياء واضعة يدها على وجهها ويقال * (على استحياء) * يعني مستترة بكم درعها قال فالوقف على * (تمشي) * إذا كان قولها على الحياء فأما إذا كان مشيها على الحياء فالوقف على * (استحياء) * والقول بالحياء أشبه من المشي بالحياء فكيف ما يقف يجوز بالمعنى فقالت * (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) * وكان بين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال ويقال أقل من ذلك فتبعها فلم يجد بدا من أن يتبعها لأنه كان بين الجبال خائفا مستوحشا فلما تبعها هبت الريح فجعلت تصفق ثيابها وتظهر عجيزتها وجعل موسى عليه السلام يعرض مرة ويغض مرة فلما عيل صبره ناداها يا أمة الله كوني خلفي وأريني السمت بقولك يعني دليني الطريق فلما دخل على شعيب عليه السلام إذا هو بالعشاء مهيأ فقال له شعيب إجلس يا شاب فتعش فقال له موسى أعوذ بالله فقال له شعيب لم لا تأكل أما أنت جائع فقال بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئا من ديننا بملء الأرض ذهبا فقال لا يا شاب ولكنها عادتي وعادة آبائي أنا نقري الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى فأكل وأخبره بقصة القتل والهرب فذلك قوله عز وجل * (فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) * يعني خرجت من ولاية فرعون
(٦٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 ... » »»