ثم وصف خوفهم فقال إنهم مع جهدهم خائفون من عذاب الله عز وجل ويتعوذون منه فقال عز وجل * (والذين يقولون) * يعني عباد الرحمن * (ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما) * يعني لازما لا يفارق صاحبه وقال بعض أهل اللغة الغرام في اللغة أشد العذاب وقال محمد بن كعب القرظي * (إن عذابها كان غراما) * قال سألهم ثمن النعم فلم يأتوا بثمنها فأغرمهم ثمن النعم وأدخلهم النار ثم قال * (إنها ساءت مستقرا ومقاما) * يعني بئس المستقر وبئس الخلود والمقام الخلود كقوله * (دار المقامة) * [فاطر: 35] يعني دار الخلود ويقال نصب المستقر للتمييز ومعناه لأنها ساءت في المستقر ثم قال عز وجل * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * وقرأ نافع وابن عامر * (يقتروا) * بضم الياء وكسر التاء وقرأ ابن كثير وأبو عمرو * (لم يقتروا) * بنصب الياء وكسر التاء وقرأ أهل الكوفة بنصب الياء وضم التاء ومعنى ذلك كله واحد يعني لم يسرفوا فينفقوا في معصية الله تعالى ولم يقتروا فيمسكوا عن الطاعة * (وكان بين ذلك قواما) * يعني بين ذلك عدلا ووسطا وقال الحسن ما أنفق الرجل على أهله في غير إسراف ولا فساد ولا إقتار فهو في سبيل الله تعالى وقال مجاهد لو كان لرجل مثل أبي قبيس ذهبا فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفا ولو أنفق درهما في معصية الله تعالى كان مسرفا سورة الفرقان 68 - 70 ثم قال عز وجل * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) * يعني لا يشركون بالله ويقال الشرك ثلاثة أولها أن يعبد غير الله تعالى والثاني أن يطيع مخلوقا بما يأمره من المعصية والثالث أن يعمل لغير وجه الله تعالى فالأول كفر والآخران معصية ثم قال * (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) * أي إلا بإحدى خصال ثلاث وقد ذكرناه * (ولا يزنون) * يعني لا يستحلون الزنى ولا يقتلون النفس * (ومن يفعل ذلك) * يعني الشرك والقتل والزنى " يلقى أثاما " قال الكلبي يعني عقابا في النار وذكر عن سيبويه والخليل أنهما قالا معناه جزاء الآثام ويقال الآثام العقوبة وقال الشاعر (جزى الله ابن عروة حين أمسى * عقوقا فالعقوق له أثام) أي عقوبة ثم قال عز وجل * (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) * يعني في العذاب
(٥٤٥)