تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٥
بعضهم من طعام بعض فنزلت في ذلك * (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم) * يعني من بيوت بعضكم بعضا * (أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم) * يعني لا بأس أن يأكل من بيت هؤلاء بغير إذنهم لأنه يجري بينهما من الانبساط ما يغني عن الإذن ثم قال * (أو ما ملكتم مفاتحه) * أي خزائنه يعني عبيدكم وإماءكم إذا كان له عبد مأذون فلا بأس أن يأكل من ماله لأن ذلك من مال مولاه ويقال يعني حافظ البيوت فلا بأس أن يأكل مقدار حاجته ثم قال " وصديقكم " يعني لا جناح على الصديق أن يأكل من بيت صديقه إذا كان بينهما إنبساط وروي عن قتادة أنه قال لو دخلت على صديق ثم أكلت من طعامه بغير إذنه كان حلالا ثم قال " ليس عليكم أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا " يعني جماعة أو متفرقين في بيت هؤلاء ويقال إنهم كانوا يمتنعون عن الأكل وحده وذكر في قوله تعالى * (إن الإنسان لربه لكنود) * [العاديات: 6] يعني الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده فرخص في هذه الآية لأن الإنسان لا يمكنه أن يطلب في كل مرة أحدا يأكل معه وروى معمر عن قتادة قال نزلت الآية في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده وكان يحمله بعض يوم حتى يجد من يأكل معه فنزل * (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) * ثم قال * (فإذا دخلتم بيوتا) * قال مقاتل يعني دخلتم بيوت المسلمين * (فسلموا على أنفسكم) * يعني بعضكم على بعض كما قال * (ولا تقتلوا أنفسكم) * [النساء: 29] يعني بعضكم بعضا وروى عمرو بن دينار عن ابن عباس * (فإذا دخلتم بيوتا) * قال هو المسجد * (فسلموا على أنفسكم) * يعني فقولوا السلام علينا من ربنا * (تحية من عند الله) * يعني السلام * (مباركة) * بالأجر * (طيبة) * بالمغفرة وقال إبراهيم النخعي * (فسلموا على أنفسكم) * إذا كان في البيت إنسان يقول السلام عليكم وإذا لم يكن فيه أحد يقول السلام علينا من ربنا وعلى عباد الله الصالحين وهكذا قال مجاهد وقال الحسن والكلبي * (فسلموا على أنفسكم) * يعني بعضكم على بعض وروى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أبخل الناس الذي يبخل بالسلام ويقال إن معنى السلام إذا قال السلام عليكم يعني السلامة لكم مني فكأنه آمنهم من شر نفسه ويقال يعني حفظكم الله من الآفات ويقال السلام هو الله تعالى فكأنه يقول الله حفيظ عليكم ومطلع على ضمائركم فإن كنتم في خير فزيدوا وإن كنتم في شر فانزجروا * (تحية من عند الله) * وأصل التحية هو البقاء والحياة كقوله حياك الله وإنما صار نصبا على المصدر
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»