تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله لو كنت أنا الذي دعيت إلى الخروج لبادرتهم إلى الباب ولكن أحب أن يكون له العذر بقوله " فلما جاءه الرسول قال إرجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن " قال ابن عباس لو خرج يوسف حين دعي لم يزل في قلب الملك منه شيء فلذلك * (قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة) * سورة يوسف 51 - 53 قوله تعالى * (قال ما خطبكن) * وذلك أن الملك أرسل إلى النسوة وجمعهن ثم سألهن فقال * (ما خطبكن) * يعني ما حالكن وشأنكن في أمركن * (إذ راودتن يوسف عن نفسه) * يعني طلبت امرأة العزيز إلى يوسف المراودة عن نفسه هل ليوسف في ذلك ذنب فأخبرن الملك ببراءة يوسف فقال * (قلن حاش لله) * يعني معاذ الله * (ما علمنا عليه من سوء) * يعني ما رأينا منه شيئا من الفاحشة ولم يكن له ذنب فلما رأت امرأة العزيز أن النسوة شهدن عليها اعترفت على نفسها وأقرت بذلك فذلك قوله تعالى * (قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق) * يعني ظهر الحق ووضح ويقال إستبان قال الزجاج إشتقاقه في اللغة من الحصة أي بانت حصة الحق وجهته من حصة الباطل ومن جهته * (أنا راودته عن نفسه) * يعني طلبت إليه أن يمكنني من نفسه * (وإنه لمن الصادقين) * إنه لم يراودني وهو صادق فيما قال ذلك اليوم حيث قال هي راودتني عن نفسي قال يوسف عند ذلك إنما فعلت * (ذلك ليعلم) * العزيز * (أني لم أخنه بالغيب) * يعني لم أخنه في امرأته إذا غاب عني فذلك قوله * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) * يعني لا يرضى عمل الزانين وروى إسماعيل بن سالم عن أبي صالح قال * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) * قال هو يوسف لم يخن العزيز في امرأته وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه لما قال يوسف * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) * قال له جبريل عند ذلك ولا يوم هممت بما هممت به قال يوسف عليه السلام * (وما أبرئ نفسي) * يعني من الهم الذي هممت به * (إن النفس لأمارة بالسوء) * يعني بالمعصية ويقال القلب آمر للجسد بالسوء والإثم يقال في اللغة إذا أمرت النفس بشيء فهي آمرة وإذا أكثرت الأمر يقال هي أمارة فقال " إن النفس لأمارة
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»