الحارث خرج غازيا وخلف مالكا في أهله وماله وولده، فلما رجع رأى مالكا مجهودا قال: ما أصابك؟ قال: لم يكن عندي شيء، ولم يحل لي أكل مالك، ثم قال سبحانه:
* (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) * وذلك أنهم كانوا يأكلون على حدة، ولا يأكلون جميعا، يرون أن أكله ذنب، يقول الله عز وجل: * (تأكلوا جميعا أو أشتاتا) *، وكانت بنو ليث بن بكر لا يأكل الرجل منهم حتى يجد من يأكل معه، أو يدركه الجهد، فيأخذ عنزة له فيركزها ويلقي عليها ثوبا تحرجا أن يأكل وحده، فلما جاء الإسلام فعلوا ذلك، وكان المسلمون إذا سافروا اجتمع نفر منهم فجمعوا نفقاتهم وطعامهم في مكان، فإن غاب رجل منهم لم يأكلوا حتى يرجع صاحبهم مخافة الإثم.
فنزلت: * (ليس عليكم جناج أن تأكلوا جميعا) * إن كنتم جماعة * (أو أشتاتا) * يعنى متفرقين * (فإذا دخلتم بيوتا) * للمسلمين * (فسلموا على أنفسكم) * يعنى بعضكم على بعض، يعنى أهل دينكم يقول: السلام * (تحية من عند الله مباركة) * يعنى من سلم أجر، فهي البركة * (طيبة) * حسنة * (كذلك يبين الله لكم الآيات) * يعنى أمره في أمر الطعام والتسليم * (لعلكم تعقلون) * [آية: 61].
تفسير سورة النور من الآية: [62 - 64].
* (إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه) * أي النبي صلى الله عليه وسلم * (على أمر جامع) * يقول: إذا اجتمعوا على أمر هو لله عز وجل طاعة، * (لم يذهبوا) * يعنى لم يفارقوا النبي صلى الله عليه وسلم، * (حتى يستئذنوه إن الذين يستئذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم) * يعنى لبعض أمرهم * (فأذن لمن شئت منهم) * يعنى من المؤمنين، نزلت في عمر بن الخطاب، رضوان الله عليه، في غزاة تبوك، وذلك أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجعة أن يسمع المنافقين، إلى أهله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' انطلق فوالله