تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٧٠
جهنم، لامتنعت من دخولها * (وكل) * يعنى الأوثان ومن يعبدها * (فيها) * يعنى في جهنم * (خالدون) * [آية: 99] نزلت في بني سهم، منهم: العاص بن وائل، والحارث وعدي ابني قيس، وعبد الله بن الزبعري بن قيس، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام، ونفر من بني سهم جلوس في الحطيم، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون صنما، فأشار بيده إليهم، فقال: * (إنكم وما تعبدون من دون الله) * يعنى الأصنام * (حصب جهنم أنتم لها واردون) * [الأنبياء: 98 - 99] إلى آيتين، ثم خرج فدخل ابن الزبعري، وهم يخوضون فيما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهم ولآلهتهم، فقال: ما هذا الذي تخوضون؟
فذكروا له قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن الزبعري: والله، لئن قالها بين يدي لأخصمنه. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم من ساعته، فقال ابن الزبعري: أهي لنا ولآلهتنا خاصة؟ أم لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم ولآلهتهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم '. قال:
خصمتك ورب الكعبة، ألست تزعم أن عيسى نبي، وتثني عليه، وعلى أمه خيرا، قد علمت أن النصارى يعبدونهما، وعزيز يعبد، والملائكة تعبد، فإن كان هؤلاء معنا قد رضينا أنهم معنا، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال سبحانه: * (لهم فيها زفير) * يعنى آخر نهيق الحمار * (وهم فيها لا يسمعون) * [آية: 100] الصوت، وذلك حين يقال لأهل النار: اخسئوا فيها ولا تكلمون، فصاروا بكما وعميا وصما.
ثم استثنى ممن كان يعبد أنهم لا يدخلون جهنم، فقال سبحانه: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) * الجنة * (أولئك عنها) * يعنى جهنم * (مبعدون) * [آية: 101] يعنى عيسى، وعزيرا، ومريم، والملائكة، عليهم السلام * (لا يسمعون حسيسها) * يقول: لا يسمع أهل الجنة صوت جهنم حين يقال لهم: اخسئوا فيها، ولا تكلموا، فتغلق عليهم أبوابها، فلا تفتح عنهم أبدا، ولا يسمع أحد صوتها.
* (وهم) * يعنى هؤلاء * (في ما اشتهت أنفسهم خالدون) * [آية: 102] يعنى لا يموتون، فلما سمع بنو سهم بما استثنى الله، عز وجل، ممن يعبد من الآلهة، عزير، وعيسى، ومريم، والملائكة، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: هلا استثنيت هؤلاء حين سألناك، فلما خلوت تفكرت.
قوله سبحانه: * (لا يحزنهم الفزع الأكبر) *.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»