والحجارة، وكان اخوته لما دلوه في البئر، تعلق يوسف في شفة البئر، فعمدوا إليه فخلصوا قميصه وأوثقوا يده، فقال: يا إخوتاه، ردوا على القميص أتوارى به في البئر، فقالوا له: ادع الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر يؤنسونك، فلما انتصف في الجب ألقوه، حتى وقع في البئر، فأدلوه في قعرها، فأراد أن يموت، فدفع الله عنه، ودعا يوسف ربه حين أخرجه مالك أن يهب لمالك ولدا، فولد له أربعة وعشرون ولدا.
قوله: * (وأسروه بضعة) *، يعنى أخفوه من أصحابهم الذين مروا على الماء في الرفقة، وقالوا: هو بضاعة لأهل الماء نبيعه لهم بمصر؛ لأنهم لو قالا: إنا وجدناه أو اشتريناه، سألوهما الشركة فيه، * (والله عليم بما يعملون) * [آية: 19]، يعنى بما يقولون من الكذب.
يقول الله تعالى: * (وشروه) *، يعنى وباعوه * (بثمن بخس) * بثمن حرام لا يحل لهم بيعه؛ لأنه حر، وثمن الحر حرام وبيعه حرام، * (دراهم معدودة) *، وهي عشرون درهما، وكانت العرب تبايع بالأقل، فإذا كانت أربعين فهي أوقية، وما كان دون الأربعين، فهي دراهم معدودة، * (وكانوا فيه) *، يعنى الذين باعوه كانوا في يوسف * (من الزاهدين) * [آية: 20] حين باعوه، ولم يعلموا منزلة يوسف عند الله، ومن أبوه، ولو علموا ذلك ما باعوه.
فانطلق القوم حتى أتوا به مصر، فبينا هو قريب منها، إذ مر براكب منها يقال له:
مالك بن دعر اللخمي، قال له يوسف: أين تريد أيها الراكب؟ قال: أريد أرض كنعان، قال: إذا أتيت كنعان، فأت الشيخ يعقوب فأقرئه السلام، وصفني له، وقل له: إني لقيت غلاما بأرض مصر، ووصفه له، وهو يقرئك السلام، فبكي يعقوب، عليه السلام، ثم قال: هل لك إلى الله حاجة؟ قال: نعم، عندي امرأة، وهي من أحب الخلائق إلي، لم تلد مني ولدا قط، فوقع يعقوب ساجدا، فدعا الله، فولد له أربعة وعشرون ذكرا، وكان يوسف، عليه السلام، بأرض مصر، فأنزل الله عليهم البركة، ثم باعه المشتري من قطفير بن ميشا، فقال يوسف: من يشتري ويبشر، فاشتراه قطفير بن ميشا بعشرين دينارا