بينهم وبين الناس، * (والصابرين في البأساء والضراء)، يعني الفقر، والضراء يعني البلاء، * (وحين البأس) *، يعني وعند القتال هم صابرون، * (أولئك الذين صدقوا) * في إيمانهم، * (وأولئك هم المتقون) * [آية: 177].
تفسير سورة البقرة من آية [178 - 179] * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) * إذا كان عمدا، وذلك أن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل، وكانت بينهم قتلى وجرحى، حتى قتل العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض الأموال حتى أسلموا، وكان أحد الحيين له طول على الآخر في العدد والأموال، فحلفوا ألا نرضى حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، فأنزل الله عز وجل: * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) *، فسوى بينهم في الدماء، وأمرهم بالعدل فرضوا، فصارت منسوخة نسختها الآية التي في المائدة قوله سبحانه: * (وكتبنا) * فيما قضينا * (عليهم فيها أن النفس بالنفس) * [المائدة: 54]، يعني النفس المسلم الحر بالنفس، المسلم الحر، والمسلمة الحرة بالمسلمة الحرة، * (فمن عفى له من أخيه شيء) *.
ثم رجع إلى أول الآية في قوله سبحانه: * (كتب عليكم القصاص في القتلى) * إذا كان عمدا إذا عفى ولي المقتول عن أخيه القاتل ورضي بالدية، * (فاتباع بالمعروف) *، يعني الطالب ليطلب ذلك في رفق، ثم قال للمطلوب: * (وأداء إليه بإحسان) *، يقول: ليؤدي الدية إلى الطالب عفوا في غير مشقة ولا أذى، * (ذلك) * العفو والدية * (تخفيف من ربكم) * إذ جعل في قتل العمد العفو والدية، ثم قال: * (ورحمة) *، يعني وتراحموا، وكان الله عز وجل حكم على أهل التوراة أن يقتل القاتل، ولا يعفى عنه، ولا يقبل منه الدية، وحكم على أهل الإنجيل العفو، ولا يقتل القاتل بالقصاص، ولا يأخذ ولي المقتول الدية.
ثم جعل الله عز وجل التخفيف لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إن شاء ولي المقتول قتل القاتل، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ منه الدية، فكان لأهل التوراة أن يقتل قاتل الخطأ والعمد