تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٢٥
تسألوا عما لم ينزل به قرآنا فينزل به قرآنا مغلظا لا تطيقوه، قوله سبحانه: * (وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن) *، يعني عن الأشياء حين ينزل بها قرآنا، * (تبد لكم) * تبين لكم، * (عفا الله عنها) *، يقول: عفا الله عن تلك الأشياء حين لم يوجبها عليكم، * (والله غفور حليم) * [آية: 101]، يعني ذو تجاوز حين لا يعجل بالعقوبة.
ثم قال عز وجل: * (قد سألها قوم) *، يقول: قد سأل عن تلك الأشياء، * (من قبلكم) *، يعني من بني إسرائيل، فبينت لهم، * (ثم أصبحوا بها كافرين) * [آية:
102]، وذلك أن بني إسرائيل سألوا المائدة قبل أن تنزل، فلما نزلت كفروا بها، فقالوا:
ليست المائدة من الله، وكانوا يسألون أنبياءهم عن أشياء، فإذا أخبروهم بها تركوا قولهم، ولم يصدقوهم، فأصبحوا بتلك الأشياء كافرين.
قوله سبحانه: * (ما جعل الله) * حراما، * (من بحيرة) * لقولهم: إن الله أمرنا بها، نزلت في مشركي العرب، منهم: قريش، وكنانة، وعامر بن صعصعة، وبنو مدلج، والحارث وعامر ابني عبد مناة، وخزاعة، وثقيف، أمرهم بذلك في الجاهلية عمرو بن ربيعة بن لحى بن قمعة بن خندف الخزاعي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' رأيت عمرو بن ربيعة الخزاعي رجلا قصيرا، أشقر، له وفرة، يجر قصبة في النار، يعني أمعاءه، وهو أول من سيب السائبة، واتخذ الوصيلة، وحمى الحامي، ونصب الأوثان حول الكعبة، وغير دين الحنفية، فأشبه الناس به أكثم بن لجون الخزاعي '، فقال أكثم: أيضرني شبهه يا رسول الله؟ قال: ' لا، أنت مؤمن وهو كافر '.
والبحيرة الناقة إذا ولدت خمسة أبطن، فإذا كان الخامس سقيا، وهو الذكر، ذبحوه الآلهة، فكان لحمه للرجال دون النساء، وإن كان الخامس ربعة، يعني أنثى، شقوا أذنيها، فهي البحيرة، وكذلك من البقر، لا يجز لها وبر، ولا يذكر اسم الله عليها إن ركبت، أو حمل عليها، ولبنها للرجال دون النساء، وأما السائبة، فهي الأنثى من الأنعام كلها، كان الرجل يسيب للآلهة ما شاء من إبله وبقره وغنمه، ولا يسيب إلا الأنثى، وظهورها، وأولادها، وأصوافها، وأوبارها، وأشعارها، وألبانها للآلهة، ومنافعها للرجال دون النساء، وأما الوصيلة، فهي الشاة من الغنم إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى السابع، فإن كان جديا ذبحوه للآلهة، وكان لحمه للرجال دون النساء، وإن كانت عتاقا استحيوها، فكانت من عرض الغنم.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»