بعيد. ولعل أول هذه النواحي اسمها نفسه: الآيات فالآية أصلا تعني العلامة، والشخص، والعبرة، والجماعة، والمعجزة. فأي هذه المعاني ينظر إليها اللفظ القرآني.
اختلفت وجهة نظر العلماء في ذلك. قال الفراء في كتاب المصادر: الآية من الآيات والعبرة، سميت آية كما قال تعالى: (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) أي أمور وعبر مختلفة. وقال أبو بكر: سميت لأنها علامة لانقطاع كلام من كلام. وقال ابن حمزة: الآية من القرآن كأنها العلامة التي يفضى منها إلى غيرها، كأعلام الطريق المنصوبة للهداية. وقال الراغب: الآية: العلامة الظاهرة وحقيقة كل شئ ظاهر هو لازم لشئ لا يظهر ظهوره، فمتى أدرك مدرك الظاهر منها، علم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته، إذا كان حكمها واحد، وذلك ظاهر في المحسوس والمعقول. وقيل: سميت آية لأنها جماعة حروف من القرآن، وقيل: الآية الرسالة، وتستعمل بمعنى الدليل والمعجزة، وآيات الله عجائبه (تاج العروس).
ويكاد يجمع العلماء (1) على أن الآيات عرفت بالتوقيف، أي بإرشاد النبي عليه الصلاة والسلام. قال الزمخشري: " الآيات علم توقيفي، لا مجال للقياس فيه. ولذلك عدوا (ألم) آية حيث وقعت و (المص)، ولم يعدوا (المر) و (الر)، وعدوا (حم) آية في سورها وطه ويس، ولم يعدوا (طس) ". وقال السيوطي: " ومما يدل على أنه توقيفي ما أخرجه أحمد في مسنده، من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر عن ابن مسعود، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم من آل حم قال: يعني الأحقاف، وقال: كانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين ".
وعلى الرغم من ذلك، اختلف العلماء والقراء في عدد الآيات: قال أبو عبد الله الموصلي، في شرح قصيدته " ذات الرشد في العدد ". اختلف في عدد الآي أهل المدينة ومكة والشام والبصرة والكوفة، ولأهل المدينة عددان: عدد أول، وهو عدد أبي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح، وعدد آخر، هو عدد إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير