الأنبياء (عليهم السلام) للإنسان، فالآية - بعد أن تؤكد مرة أخرى على التوحيد - تقول:
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.
كلمة " قضاء " لهم مفهوم توكيدي أكثر من كلمة " أمر " وهي تعني القرار والأمر المحكم الذي لا نقاش فيه. وهذا أول تأكيد في هذه القضية. أما التأكيد الثاني الذي يدل على أهمية هذا القانون الإسلامي، فهو ربط التوحيد الذي يعتبر أهم أصل إسلامي، مع الإحسان إلى الوالدين.
أما التأكيدان الثالث والرابع فهما يتمثلان في معنى الإطلاق الذي تفيده كلمة " إحسان " والتي تشمل كل أنواع الإحسان. وكذلك معنى الإطلاق الذي تفيده كلمة " والدين " إذ هي تشمل الأم والأب، سواء كانا مسلمين أو كافرين.
أما التأكيد الخامس فهو يتمثل بمجئ كلمة " إحسانا " نكرة لتأكيد أهميتها وعظمتها (1).
ومن الضروري الانتباه إلى هذه الملاحظة، وهي أن الأمر عادة ما ينصب على الأمور الإيجابية، بينما جاء هنا في مفاد السلب والنفي (وقضى... ألا تعبدوا...) فما هو يا ترى سبب ذلك؟
من الممكن أن نقول: إن جملة وقضى... تتضمن تقديرا جملة إيجابية، يمكن أن نقدرها بالقول: وقضى ربك أن تعبده، ولا تعبد أي شئ سواه. أو من الممكن أن تكون جملة ألا تعبد إلا إياه التي تتضمن " النفي والإثبات " جملة إيجابية واحدة، إذ هي تحصر العبادة بالله دون غيره ثم تنتقل إلى أحد مصاديق هذه العبادة متمثلا بالإحسان إلى الوالدين فتقول: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما بحيث يحتاجان إلى الرعاية والإهتمام الدائم. فلا