لأنه قد أوجد الأحكام المسبقة الخاطئة عنده، وسمح للأهواء النفسية والتعصبات العمياء المتطرفة أن تتغلب على توجهه، ووقع في أسر الذات والغرور، ولوث صفاء قلبه وطهارة روحه بأمور قد جعلها موانع أمام فهم وإدراك الحقائق.
وجاء في الحديث الشريف: " لولا أن الشياطين يحومون حول قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات ".
فأول شرط ينبغي تحقيقه لمن رام السير على طريق الحق هو تهذيب النفس وامتلاك التقوى، وبدون ذلك يقع الإنسان في ظلمات الوهم فيضل الطريق.
ويشير القرآن الكريم لهذه الحقيقة ب هدى للمتقين.
وكم من أناس طلبوا آيات القرآن بتعصب وعناد وأحكام مسبقة (فردية أو اجتماعية) وحملوا القرآن بما يريدون لا بما يريده القرآن، فازدادوا ضلالا بدلا من أن يكون القرآن هاديا لهم (وطبيعي أن القرآن بآياته وحقائقه الناصعة لا يكون وسيلة للإضلال، ولكن أهواءهم وعنادهم هو الذي جرهم لذلك) والآيتان (124 و 125) من سورة التوبة تبين لنا هذه الحالة بكل وضوح: أما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون.
فالمقصود بالآية عدم الاكتفاء بذكر (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) بل ينبغي أن نجعل من هذا الذكر فكرا، ومن الفكر حالة داخلية، وعندما نقرأ آية نستعيذ بالله من أن تستحوذ وساوس الشيطان علينا، أو أن تحول بيننا وبين كلام الله جل وعلا.
3 2 - لماذا يكون التعوذ " من الشيطان الرجيم "؟
" الرجيم ": من (رجم)، بمعنى الطرد، وهو في الأصل بمعنى الرمي بالحجر ثم استعمل في الطرد.