لا يكون تكرارا على اختلاف الوعيدين فهو أولى، فكيف يحمل الآية على خلاف ما هو أولى بها ليتم الاستدلال بها على معتقده الفاسد؟ نعوذ بالله من ذلك.
قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال فيه (إلا لأجل العبادة ولم أرد من جميعهم إلا إياها الخ) قال أحمد: من عادته أنه إذا استشعر أن ظاهرا موافق لمعتقده نزله على مذهبه بصورة إيراد معتقد أهل السنة سؤالا وإيراد معتقده جوابا، فكذلك صنع ههنا فنقول: السؤال الذي أورده مما لا يجاب عنه بما ذكره، فإنه سؤال مقدماته قطعية عقلية، فيجب تنزيل الآية عليه وهى أن ظاهر سياق الآية دليل لأهل السنة، فإنها إنما سيقت لبيان عظمته عز وجل، وأن شأنه من عبيده لا يقاس به شأن عبيد الخلق معهم، فإن عبيدهم مطلوبون بالخدمة والتكسب للسادة بواسطة مكاسب عبيدهم قدر أرزاقهم، والله تعالى لا يطلب من عباده رزقا ولا إطعاما وإنما يطلب منهم عبادته لا غير، وزائد على كونه لا يطلب منهم رزقا أنه هو الذي يرزقهم، فهذا المعنى الشريف هو الذي تجلى تحت راية هذه الآية وله سيقت وبه نطقت، ولكن الهوى يعمى ويصم، فحاصله وما خلقت الجن والإنس إلا لأدعوهم إلى عبادتي، وهذا ما لا يعدل عنه أهل السنة فإنه وافق معتقدهم، وبالله التوفيق.