والمرة في الأصل مصدر مر يمر، ثم استعمل ظرفا اتساعا، وهذا يدل على قوة شبه الزمان بالفعل (وتركتم) يجوز أن يكون حالا، أي وقد تركتم، وأن يكون مستأنفا (وما نرى) لفظه لفظ المستقبل، وهي حكاية حال، و (معكم) معمول نرى، وهي من رؤية العين، ولا يجوز أن يكون حالا من الشفعاء إذ المعنى يصير أن شفعاءهم معهم ولا نراهم: وإن جعلتها بمعنى نعلم المتعدية إلى اثنين جاز أن يكون معكم مفعولا ثانيا، وهو ضعيف في المعنى (بينكم) يقرأ بالنصب وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف لتقطع والفاعل مضمر: أي تقطع الوصل بينكم، ودل عليه شركاء، والثاني هو وصف محذوف: أي لقد تقطع شئ بينكم أو وصل، والثالث أن هذا المنصوب في موضع رفع وهو معرب، وجاز ذلك حملا على أكثر أحوال الظرف، وهو قول الأخفش، ومثله: منا الصالحون ومنا دون ذلك، ويقرأ بالرفع على أنه فاعل، والبين هنا: الوصل وهو من الأضداد.
قوله تعالى (فالق الحب) يجوز أن يكون معرفة لأنه ماض، وأن يكون نكرة على أنه حكاية حال، وقرئ في الشاذ " فلق " و (الإصباح) مصدر أصبح، ويقرأ بفتح الهمزة على أنه جمع صبح كقفل وأقفال و (جاعل الليل) مثل فالق الإصباح في الوجهين و (سكنا) مفعول جاعل إذا لم تعرفه، وإن عرفته كان منصوبا بفعل محذوف: أي جعله سكنا، والسكن ما سكنت إليه من أهل ونحوهم، فجعل الليل بمنزلة الأهل، وقيل التقدير: مسكونا فيه، أو ذا سكن، و (الشمس) منصوب بفعل محذوف أو بجاعل إذا لم تعرفه، وقرئ في الشاذ بالجر عطفا على الإصباح أو على الليل، و (حسبانا) فيه وجهان: أحدهما هو جمع حسبانة، والثاني هو مصدر مثل الحسب والحساب، وانتصابه كانتصاب سكنا.
قوله تعالى (فمستقر) يقرأ بفتح القاف. وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر ورفعه بالابتداء: أي فلكم استقرار. والثاني أنه اسم مفعول ويراد به المكان: أي فلكم مكان تستقرون فيه إما في البطون، وإما في القبور، ويقرأ بكسر القاف فيكون مكانا يستقر لكم، وقيل تقديره، فمنكم مستقر، وأما (مستودع) فبفتح الدال لا غير، ويجوز أن يكون مكانا يودعون فيه، وهو إما الصلب أو القبر، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستيداع.
قوله تعالى (فأخرجنا منه خضرا) أي بسببه، والخضر بمعنى الأخضر، ويجوز أن تكون الهاء في منه راجعة على النبات وهو الأشبه، وعلى الأول يكون