قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التي للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث، وتختلف هذه المعاني على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك، ومنه قوله تعالى " أرأيتك هذا الذي كرمت على " وفى التثنية أرأيتكما، وفى الجمع المذكر أرأيتكم، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة، والكاف حرف للخطاب وليست اسما، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لا جار هنا، أو مرفوعة، وهو باطل أيضا لأمرين: أحدهما أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع. والثاني أنه لا رافع لها، إذ ليست فاعلا لأن التاء فاعل، ولا يكون لفعل واحد فاعلان، وإما أن تكون منصوبة، وذلك باطل لثلاثة أوجه: أحدها أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك: أرأيت زيدا ما فعل، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا، والثاني أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ولذلك قلت أرأيتك زيدا، وزيد غير المخاطب، ولا هو بدل منه، والثالث أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء، فكنت تقول: أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن.
وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه. فأما مفعول أرأيتكم في هذه الآية، فقال قوم هو محذوف دل الكلام عليه تقديره: أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم عند مجئ الساعة، ودل عليه قوله " أغير الله تدعون " وقال آخرون: لا يحتاج هذا إلى مفعول لأن الشرط وجوابه قد حصل معنى المفعول، وأما جواب الشرط الذي هو قوله (إن أتاكم عذاب الله) فما دل عليه الاستفهام في قوله (أغير الله) تقديره: إن أتتكم الساعة دعوتم الله، وغير منصوب ب (تدعون).
قوله تعالى (بل إياه) هو مفعول (تدعون) الذي بعده (إليه) يجوز أن يتعلق بتدعون، وأن يتعلق بيكشف: أي يرفعه إليه، و " ما " بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، وليست مصدرية إلا أن تجعلها مصدرا بمعنى المفعول.
قوله تعالى (بالبأساء والضراء) فعلاء فيهما مؤنث لم يستعمل منه مذكر لم يقولوا بأس وبأساء وضر وضراء كما قالوا أحمر وحمراء.
قوله تعالى (فلولا إذ) " إذ " في موضع نصب ظرف ل (تضرعوا) أي فلولا تضرعوا إذ (ولكن) استدراك على المعنى: أي ما تضرعوا ولكن.