أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون (28) ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين (29) أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون (30)) * * (أم) * هذه منقطعة بمعنى " بل "، والهمزة فقد دلت على الإضراب عما قبلها، والإنكار لما بعدها، وهو أن يتخذوا * (من الأرض) * آلهة * (ينشرون) * الموتى، ومن أعظم المنكرات أن ينشر الموات الأموات، وإذا ادعوا لها الإلهية لزمهم أن يدعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، وقوله:
* (من الأرض) * من نحو قولك: فلان من الكوفة، تريد: أنه كوفي، فيه إيذان بأنها الأصنام التي تعبد في الأرض، أو يريد: * (آلهة) * من جنس الأرض، لأنها: إما أن تنحت من بعض حجارة الأرض أو تعمل من بعض جواهرها، وقرئ:
" ينشرون " (1)، ويقال: أنشر الله الموتى ونشرها، وهما لغتان.
ثم دل سبحانه على توحيده فقال: * (لو كان فيهما) * أي: في السماء والأرض * (آلهة إلا الله لفسدتا) * وصفت الآلهة ب * (إلا) * كما توصف ب " غير "، كما لو قيل:
آلهة غير الله، ولا يجوز أن يكون بدلا، لأن البدل لا يسوغ إلا في غير الموجب، كقوله: * (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) * (2) وذلك أن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه، والمعنى: لو كان يدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو منشئهما ومحدثهما * (لفسدتا) * ولم ينتظم أمرهما، وفي هذا دليل التمانع الذي بنى عليه المتكلمون في مسألة التوحيد.