تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون (2) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون (3) قال ربى يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم (4) بل قالوا أضغث أحلم بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون (5)) *.
اللام في * (للناس) * لتوكيد معنى إضافة " الحساب " إلى " الناس "، والأصل (1):
اقتراب حساب الناس (2)، ثم اقترب للناس الحساب، ثم * (اقترب للناس حسابهم) * والمراد: اقتراب القيامة، وإذا اقتربت فقد اقترب ما يكون فيها من الحساب والثواب والعقاب وغير ذلك، وإنما وصفت بالقرب لأن كل آت وإن طالت مدة ترقبه قريب، وإنما البعيد هو الذي وجد وانقرض.
وفي كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): " أن الدنيا ولت حذاء (3) ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء " (4).
وصفهم بالغفلة مع الإعراض على معنى: أنهم غافلون عن حسابهم، ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم، وإذا نبهوا عن سنة الغفلة بما يتلى عليهم من الآيات أعرضوا عن التفكر فيها والتدبر لها والإيمان بها، ثم قرر سبحانه إعراضهم عن تنبيه المنبه بأن الله يجدد لهم الذكر وقتا فوقتا، ويحدث لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ليتعظوا، فما يزيدهم استماع الآي والسور إلا لعبا وتلهيا.
وقوله: * (وهم يلعبون لاهية قلوبهم) * حالان مترادفتان أو متداخلتان، وأبدل

(1) أي: أصل العبارة قبل زيادة التوكيد عليه.
(2) ليس في بعض النسخ جملة: " والأصل: اقتراب حساب الناس ".
(3) حذاء: أي خفيفة سريعة النفاذ. (لسان العرب: مادة حذذ).
(4) نهج البلاغة: ص 84 خطبة 42 ضبط صبحي الصالح.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»