تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
فلما ترعرع أراد يعقوب استرداده منها، وكانت منطقة إسحاق عندها لكونها أكبر ولده وكانوا يتوارثونها بالكبر، فعمدت إلى المنطقة وشدته على يوسف تحت ثيابه وادعت أنه سرقها، فحبسته بذلك السبب عندها * (فأسرها يوسف) * هذا إضمار قبل الذكر على شريطة التفسير، وتفسيره: * (أنتم شر مكانا) * فكأنه قال: فأسر الجملة أو الكلمة التي هي قوله: * (أنتم شر مكانا) *، والمعنى: قال * (في نفسه) *:
أنتم شر مكانا، لأن قوله: * (قال أنتم شر مكانا) * بدل من * (فأسرها) * أي: أنتم شر منزلة في السرقة، لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم * (والله أعلم بما تصفون) * يعلم أنه ليس الأمر كما تصفون، ولم يصح لي ولا لأخي سرقة.
ثم رفقوا في القول واستعطفوه بذكر أبيهم يعقوب، وأنه شيخ كبير السن أو كبير القدر، وأن بنيامين أحب إليه منهم * (فخذ أحدنا مكانه) * أي: بدله على وجه الاسترهان أو الاستعباد * (إنا نربك من المحسنين) * إلينا فأتمم إحسانك، أو اجر على عادتك في الإحسان فإنه عادتك. * (قال معاذ الله) * هو كلام موجه، ظاهره:
أنه يجب أخذ من وجد الصواع في رحله على مقتضى فتياكم، فلو أخذنا غيره كان ظلما عندكم فلا تطلبوا مني ما تعرفون أنه ظلم، وباطنه: أن الله تعالى أمرني بأخذ بنيامين واحتباسه لمصالح علمها في ذلك، فلو أخذت غيره كنت ظالما:
عاملا بخلاف ما أمرت به، ومعنى * (معاذ الله أن نأخذ) *: نعوذ بالله معاذا من أن نأخذ، و * (إذا) * جواب لهم وجزاء، لأن المعنى: إن نأخذ بدله ظلمنا.
* (فلما استيئسوا) * يئسوا * (خلصوا) * أي: اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يشوبهم سواهم * (نجيا) *: ذوي نجوى، فيكون النجي مصدرا بمعنى التناجي، كما قيل: * (وإذ هم نجوى) * (1) تنزيلا للمصدر منزلة الوصف، أو قوما

(1) الاسراء: 47.
(٢٣٤)
مفاتيح البحث: السب (1)، السرقة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»