التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٢٨
وعدوا * (في بضع سنين) * وعد المدني * (غلبت الروم) * وعد * (إسماعيل والمكي غلبت الروم، في بضع سنين) *.
قرأ ابن عمر، وأبو سعيد الخدري * (غلبت الروم) * بفتح الغين، فقيل لابن عمر: على أي شئ غلبوا قال على ريف الشام، وهذا غلط، فان عند جميع المفسرين القراءة بالضم. والسبب في ذلك معروف، وهو ان الروم لما غلبهم فارس فرح مشركوا قريش بذلك من حيث إن أهل فارس لم يكونوا أهل كتاب، وساء ذلك المسلمين، فأخبر الله تعالى ان الروم وإن غلبهم فارس، فان الروم ستغلب في ما بعد فارس * (في بضع سنين) * أي في ما بين ثلاث سنين إلى عشر، فكان كما اخبر، وكان ذلك معجزة ظاهرة باهرة للنبي صلى الله عليه وآله وروي أن جماعة من الصحابة راهنوا أبي بن خلف وقيل: أبا سفيان. إن لم يصح الخبر ووافقوهم على أربع سنين، فلما أخبروا النبي صلى الله عليه وآله قال: (زيدوهم في الخطر واستزيدوا في الأجل) ففعلوا، فغلبت الروم لفارس قبل المدة.
اخبر الله تعالى ان الروم غلبت عليها فارس في أدني الأرض من أرض الشام إلى ارض فارس، وانهم من بعد غلبتهم فارس سيغلبون في ما بعد في بضع سنين. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ان البضع - ههنا - ما بين الثلاث إلى العشر.
وروي ان سبب ذلك ان الروم لما غلبتها فارس فرح المشركون بذلك وقالوا:
أهل فارس لا كتاب لهم غلبوا أهل الروم، وهم أهل كتاب، فنحن لا كتاب لنا نغلب محمدا الذي معه كتاب، فأنزل الله تعالى هذه الآيات تسلية للنبي والمؤمنين. وإن الروم وإن غلبها فارس، فإنها ستغلب فارس في ما بعد في بضع سنين. قال أبو سعيد الخدري: كان النصر يوم بدر للفريقين للنبي صلى الله عليه وآله
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست