ينقادون لاغوائه، وانه ليس له عليهم سلطان إلا بالاغواء، فإذا علم أن منهم من لا يقبل منه عرف ذلك عنه ليأسه منه. ومن فتح اللام من " المخلصين " أراد إن الله تعالى أخلصهم بما فعل لهم من اللطف الذي امتنعوا عنده من القبائح، ومن كسر اللام أراد انهم أخلصوا عبادتهم لله، لم يشركوا معه غيره.
ثم حكى تعالى ما أجاب به - عز وجل - لإبليس، فإنه قال له " فالحق والحق أقول لأملأن " فمن رفع الأول أراد، فأنا الحق أو فالحق لأملأن وأقول الحق. ومن نصب فعلى تقدير. فالحق لأملأن، كما تقول حقا لأملأن، ويكون " والحق أقول " اعتراض بين الكلامين ويكون العامل في (الحق) الثاني قوله " أقول " لأملأن جهنم منك " يا إبليس " وممن تبعك منهم أجمعين " أي من تابعك على دعائك إلى المعاصي.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله فقال " قل " يا محمد " ما أسألكم عليه من اجر " أي ليس أسألكم أجرا على دعائكم إلى الله " وما أنا من المتكلفين " أي ولست ممن يتعسف في طلب الامر الذي لا يقتضيه العقل، وصفة (متكلف) صفة تجري مجرى الذم، فلذلك قال " وما انا من المتكلفين "، لأنه لا يدعو إلا إلى الامر الجميل الذي يقتضيه الحق.
ثم قال " إن هو الا ذكر للعالمين " أي ليس هذا القرآن إلا شرف للعالمين " ولتعلمن نبأه بعد حين " قال الفراء: معناه ولتعلمن خبر القرآن وانه حق أو خبر محمد أنه صادق بعد حين، قال الحسن: عند الموت يأتيك الخبر