التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٣
مواضعهم التي ينامون عليها فالتجافي تعاطي الارتفاع عن الشئ، ومثله النبو يقال جفا عنه يجفو جفاء إذا نبا عنه. وتجافى عنه يتجافى تجافيا، واستجفاه استجفاء والمضجع موضع الاضجاع، والاضطجاع هو القاء النفس " يدعون ربهم " أي داعين ربهم الذي خلقهم وأوجدهم * (خوفا) * من عذابه يسألونه المغفرة * (وطمعا) * في ثوابه. وانتصب * (خوفا، وطمعا) * على أنه مفعول له أي للخوف وللطمع * (ومما رزقناهم ينفقون) * في طاعة الله وسبيل ثوابه. ووجه المدح بذلك أن هؤلاء المؤمنين يقطعهم اشتغالهم بالدعاء لله عن طيب المضطجع لما يأملون به من الخير والبركة من الله تعالى، لان آمالهم مصروفة إليه، واتكالهم في أمورهم عليه، وقال الشاعر في التجافي:
وصاحبي ذات هباب دمشق * وابن ملاط متجاف ادفق (1) أي متنح عن كركرتها، وقال أنس وقتادة: انه مدح قوما كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء. وقال الضحاك: انهم كانوا يذكرون الله بالدعاء والتعظيم وقال قتادة: * (خوفا) * من عذاب الله * (وطمعا) * في رحمة الله * (ومما رزقناهم ينفقون) * في طاعة الله. وقال أبو جعفر، وأبو عبد الله عليهما السلام الآية متناولة لمن يقوم إلى صلاة الليل عن لذيذ مضجعه وقت السحر، وبه قال معاذ والحسن ومجاهد. وقال عبد الله بن رواحة في صفة النبي صلى الله عليه وآله:
يبيت يجافي جنبه عن فراشه * إذا استثقلت بالمشركين المضاجع ثم قال تعالى * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) * تحتمل (ما) في قوله * (ما أخفي) * أن تكون بمعنى الذي ويكون موضعها النصب، ويحتمل أن تكون بمعنى (أن) ويكون موضعها الرفع، وتكون الجملة في موضع نصب، والمعنى

(١) مجاز القرآن 2 / 132
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست