لأنها تخفى إذا اتصلت بحرف من حروف الفم، فإذا لم يتصل بها، لم يكن هناك ما يوجب إخفاؤها. ووجه إخفائها مع هذه الحروف أن همزة الوصل قد وصلت ولم تقطع، وهمزة الوصل إنما تذهب في الدرج فكما سقطت همزة الوصل، وهي لا تسقط إلا في الدرج مع هذه الحروف في (الف لام ميم) الله، كذلك لا تبين النون، ويقدر فيها الاتصال بما قبلها، ولا يقدر الانفصال.
قيل إنما عد (طسم) آية، ولم يعد (طس) لان (طس) تشبه الاسم المنفرد، نحو (قابيل، وهابيل) وليس كذلك (طسم). ووجه الشبه بالزنة أن أوله لا يشبه حروف الزيادة التي هي حروف المد واللين، نحو (يس) وليس شئ على وزن المفرد يعد إلا (ياسين) لان الياء تشبه حروف الزيادة فقد رجع إلى أنه ليس على زنة المفرد. وقد بينا فيما مضى معاني هذه الحروف المقطعة في أول سورة البقرة، فلا نطول بإعادته. وقد بينا قول من قال. إنها أسماء السور. وقال قتادة والضحاك: ان (طسم، وطس) اسم من أسماء القرآن.
وقوله " تلك آيات الكتاب المبين " إنما أشار ب (تلك) إلى ما ليس بحاضر لأنه متوقع، فهو كالحاضر بحضور المعنى للنفس، وتقديره: تلك الآيات آيات الكتاب. وقيل: تلك الآيات التي وعدتم بها هي القرآن. وقيل: ان " تلك " بمعنى (هذا) ومعنى (الكتاب) القرآن، ووصفه بأنه (المبين) لان به تتبين الاحكام، لان البيان اظهار المعنى للنفس بما يتميز به عن غيره، وهو مأخوذ من البينونة، وهي التفرقة بين الشئ وغيره. فالمبين الذي يبين الحق من الباطل.
وسمي أيضا فرقانا، لأنه يفرق بين الحق والباطل.
وقوله " لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين " قيل فيه قولا: الأول - قال ابن عباس وقتادة: معناه لعلك قاتل نفسك. والثاني قال ابن زيد: مخرج