التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٧
أمور الدنيا.
ثم اخبر الله تعالى أن من هذه صفته على خسران ظاهر، لأنه يخسر الجنة، وتحصل له النار. ثم اخبر عن ذكره انه " يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه " يعني الأصنام والأوثان، لأنها جماد لا تضر ولا تنفع، فإنه يعبدها دون الله. ثم قال تعالى " ذلك هو الضلال البعيد " يعني عبادة مالا يضر ولا ينفع من العدول عن الصواب، والانحراف عن الطريقة المستقيمة إلى البعيد عن الاستقامة.
و " ذلك " في موضع نصب ب‍ (يدعو) ومعناه (الذي) كأنه قال: الذي هو الضلال البعيد يدعوه. وقوله " يدعو لمن " مستأنف على ما ذكره الزجاج. وقوله " يدعو لمن ضره أقرب من نفعه " يعني يدعوا هذه الأصنام التي ضررها أقرب من نفعها، لان الضرر بعبادتها عذاب النار، والنفع ليس فيها. وإنما جاز دخول اللام في " لمن ضره " لان (يدعو) معلقة، وإنما هي تكرير للأولى، كأنه قال: يدعو - للتأكيد - للذي ضره أقرب من نفعه يدعو. ثم حذفت (يدعو) الأخيرة اجتزاء بالأولى. ولا يجوز قياسا على ذلك ضربت لزيد، ولو قلت بدلا من ذلك يضرب لمن خيره أكثر من شره يضرب، ثم حذفت الخبر جاز. والعرب تقول عندي لما غيره هو خير منه، كأنه قال للذي غيره خير منه عندي، ثم حذف الخبر من الثاني، والابتداء من الأول، كأنه قال عندي شئ غيره خير منه وعلى هذا يقال:
أعطيك لما غيره خير منه، على حذف الخبر. وقيل: في خبر (لمن ضرره) أنه (لبئس المولى). وقيل: يدعو بمعنى يقول. والخبر محذوف. وتقديره يقول لمن ضره أقرب من نفعه: هو آلهة، قال عنترة:
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست