وإنما هو حجر منقور، أو صنم معمول " يا أبت إني قد جاءني من العلم " بمعرفة الله وتوحيده ووجوب اخلاص العبادة له، وقبح الاشراك " ما لم يأتك فاتبعني " على ذلك واقتد بي " أهدك صراطا سويا " معتدلا غير جائر بك عن الحق إلى الضلال " يا أبت لا تعبد الشيطان ان الشيطان كان للرحمن عصيا " اي عاصيا (فعيل) بمعنى فاعل.
" يا أبت اني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن " قال الفراء: أخاف بمعنى أعلم - ههنا - ومثله " فخشينا أن يرهقهما " (1) أي علمنا " أن يمسك " أي يلحقك عذاب من الله على إشراكك معه في العبادة غيره. ومتى فعلت ذلك كنت وليا للشيطان وناصرا ومساعدا، ونصب " فتكون " عطفا على (ان يمسك) وقيل: إن معناه أنه يلزمك ولاية الشيطان لعبادتك له ذما لك وتقريعا، إذا ظهر عقاب الله لك، وسخطه عليك. وقيل: فتكون موكولا إلى الشيطان، وهو لا يغني عنك شيئا. وقال قوم: هذه المخاطبة من إبراهيم كان لأبيه الذي هو والده. والذي يقوله أصحابنا انه كان جده لامه، لان آباء النبي صلى الله عليه وآله كلهم كانوا مسلمين إلى آدم، ولم يكن فيهم من يعبد غير الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وآله (لم يزل الله ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات) والكافر لا يوصف بالطهارة، لقوله تعالى " إنما المشركون نجس " (2) قالوا وأبوه الذي ولده كان اسمه تارخ. وهذا الخطاب منه كان لآزر قوله تعالى:
(قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته