أخبر الله تعالى أن من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون.
قال ابن عباس والسدي: قوم وراء الصين.
وقال أبو جعفر عليه السلام: هم قوم خلف الرمل لم يغيروا ولم يبدلوا.
وأنكر الجبائي قول ابن عباس، وقال شرع موسى عليه السلام، منسوخ بشرع عيسى عليه السلام وشرع محمد صلى الله عليه وآله فلو كانوا باقين لكفروا بنبوة محمد.
وهذا ليس بشئ، لأنه لا يمتنع أن يكون قوم لم تبلغهم الدعوة من النبي صلى الله عليه وآله فلا نحكم بكفرهم.
وقال الجبائي يحتمل ذلك وجهين:
أحدهما - انهم كانوا قوما متمسكين بالحق في وقت ضلالتهم (1) بقتل أنبيائهم.
والاخر - انهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله مثل ابن سلام وابن صوريا وغيرهما.
وتقدير الكلام في معنى الآية إذا: كان من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، قد مدحوا بذلك وعظموا، فعلى كل أمة أن يكونوا كهذه الأمة الكريمة في هذا المعنى. والأمة الجماعة التي تؤم أمرا بأن تقصده وتطلبه وأمة محمد صلى الله عليه وآله تؤم شريعته وأمة موسى وعيسى مثل ذلك.
وليس في الآية ما يدل على أن في كل عصر أمة هادية من قوم موسى لان بعد نبوة نبينا صلى الله عليه وآله لم يبق أحد يجب اتباعه في شرع موسى عليه السلام وكذلك قوله تعالى " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " (2) ولا دلالة في ذلك على أن تلك الأمة موجودة في كل عصر، بل لو لم توجد هذه الأمة الا في وقت واحد هادية بالحق عادلة به لصح معنى الآية على أن عندنا في كل عصر لا يخلون من قوم بهذا الوصف وهم حجج الله على خلقه، المعصومين الذين لا يجوز عليهم الخطأ والزلل، فقد قلنا بموجب الآية.