فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧٣٠
رجل لا أعرفه فسلم علي ثم قال صدق الشيخ فيما قال فرجعت إلى الشيخ فلما رآني قال: تحتاج في كل مسألة إلى أن يلقاك الخضر فيخبرك بصدقها وقال ابن عربي أيضا كنت في مركب بساحل تونس فأخذتني بطني والناس نيام فقمت إلى جنب السفينة وتطلعت في البحر فرأيت رجلا على بعد في ضوء القمر يمشي على الماء حتى وصل إلي فرفع قدمه الواحدة واعتمد الأخرى فرأيت باطنها وما أصابها بلل ثم اعتمد الأخرى ورفع صاحبتها فكانت كذلك ثم تكلم معي بكلام وانصرف فأصبحت جئت المدينة فلقيني رجل صالح فقال كيف كانت ليلتك مع الخضر عليه السلام قال وخرجت إلى السياحة بساحل البحر المحيط ومعي رجل ينكر خرق العوائد فدخلنا مسجدا خرابا لصلاة الظهر فإذا بجماعة من السياحين المنقطعين دخلوا يريدون ما نريده وفيهم ذلك الرجل الذي كلمني في البحر ورجل أكبر منزلة منه فصلينا ثم خرجنا فأخذ الخضر عليه السلام حصيرا من محراب المسجد فبسطه في الهواء على قدر علو سبعة أذرع ثم صلى عليها فقلت لصاحبي أما تنظر ما فعل؟ قال اسأله فلما فرغ من صلاته أنشدته هذه الأبيات:
شغل المحب عن الهواء بسره * * في في حب من خلق الهواء وسخره والعارفون عقولهم معقولة * * عن كل كون ترتضيه مطهره فهم لديه مكرمون وفي الورى * * أحوالهم مجهولة ومستره فقال ما فعلت ما رأيت إلا لهذا المنكر الذي معك فهذا ما جرى لنا مع هذا الوتد وله من العلم اللدني والرحمة بالعالم ما يليق بمن هو في رتبته واجتمع به شيخنا علي بن عبد الله بن جامع وكان الخضر عليه السلام ألبسه الخرقة بحضور العارف قضيب البان وألبسنيها المسيح عليه الصلاة والسلام بالموضع الذي ألبسه فيه الخضر عليه السلام ومن ذلك الوقت قلت بلباس الخرقة وألبستها الناس لما رأيت الخضر عليه السلام اعتبرها وكنت قبل ذلك لا أقول بالخرقة المعروفة الآن فإن الخرقة عندنا عبارة عن الصحبة والآداب والتخلق ولهذا لا يوجد لباسها متصلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فجرت عادة أصحاب الأحوال أنهم إذا رأوا واحدا من أصحابهم عنده نقص في أمر ما وأرادوا تكميله يتجذبه الشيخ فإذا تجذبه أخذ ذلك الثوب الذي عليه في ذلك الحال ونزعه وأفرغه عليه فيسري فيه ذلك الحال فيكمل به ذلك الرجل فذلك هو الإلباس عندنا المعروف عند شيوخنا المحققين رضي الله تعالى عنهم (1).

(1) وذكره صاحب العروة الوثقى فقال أبو العباس الخضر عليه السلام أعني بليان بن ملكان بن سمعان وأورد حديثين سمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن قال صلى الله على محمد إلا نضر الله قلبه ونور بصيرته والثاني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيت الرجل لجوجا معجبا برأيه فقد تمت خسارته وكل عام يلتقي مع إلياس في الموسم فيحلق كل منهما رأس صاحبه ويفترقان على هذه الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله بسم ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فمن قالها حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات عوفي من السرق والحرق والغرق وأحسبه قال ومن السلطان والشيطان والحية والعقرب.
(٧٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 » »»