فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٨
بالإفراد في عينه ويرى بالضم أوله وكسر ثانيه من أرى أي ينسب الرؤية إلى عينه تارة يقول: رأيت في منامي كذا ولا يكون رآه لأنه جزء من الوحي فالمخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يلقه إليه (1) قال الطيبي المراد بإراءته عينه وصفها بما ليس فيها ونسب الكذب إلى الكذبات المبالغة نحو ليل أليل (أو يقول) بفتح التحتية أوله وضم القاف وسكون الواو وروي بفتح المثناة والقاف وشد الواو مفتوحة (على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل) وجمع الثلاثة في خبر لشدة المناسبة بينها وأنها من أفحش أنواع الافتراء فالكذب على المصطفى صلى الله عليه وسلم كذب في أصول الدين وهدم لقاعدة من قواعد المسلمين والكذب عليه كذب على الله وما ينطق عن الهوى والرؤيا جزء من أجزاء النبوة والمنام طرف من الوحي فإذا كذب فقد كذب في نوع الوحي ومن ادعى لغير أبيه فقد استهزأ بنص القرآن ويكفي في ذلك لعن امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم (خ عن واثلة) ابن الأسقع وغيره.
2480 - (إن من (2) أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم) عليه الصلاة والسلام وخلقه فيه يوجب له شرفا ومزية كما قاله القاضي (وفيه قبض) وذلك سبب للشرف أيضا فإنه سبب لوصوله إلى الجناب الأقدس والخلاص عن النكبات (وفيه النفخة) أي النفخ في الصور وذلك شرف أيضا لأنه من أسباب توصل أرباب الكمال إلى ما أعد لهم من النعيم المقيم والموت أحد الأسباب الموصلة للنعيم وهو وإن كان فناءا ظاهرا فهو بالحقيقة ولادة ثانية ذكره الراغب (وفيه الصعقة) هي غير النفخة وقد ذكرها تعالى بفاء التعقيب في * (ونفخ في الصور فصعق) * [الزمر: 68] (فأكثروا علي من الصلاة فيه) أي في يوم الجمعة وكذا ليلتها قال أبو طالب المكي وأقل ذلك ثلاثمائة مرة كذا نقله عنه في الإتحاف (فإن صلاتكم معروضة علي) قال ابن الملقن معنى معروضة علي موصولة إلي توصل الهدايا. ثم إنهم قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت (3) بفتح فسكون ففتح على الأشهر أي بليت، وفي رواية أرممت أي صرت رميما قال (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) لأنها تتشرف بوقع أقدامهم

(1) وإنما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ قد يكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال لان الكذب على المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين فقوله تعالى * (ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) * [هود: 18] الآية وإنما كان الكذب في المنام كذبا على الله لحديث الرؤيا جزء من النبوة وما كان من النبوة فهو من قبل الله تعالى.
(2) أتى بمن لان يوم عرفة أفضل أيام السنة ويليه في الفضيلة يوم النحر فيوم الجمعة أفضل الأيام الأسبوع.
(3) قيل يوزن ضربت وقيل أرمت بتشديد الميم وسكون التاء لتأنيث العظام قال ابن الأثير أصل هذه الكلمة من رم الميت وأرم إذا بلي والرمة العظم البالي.
(٦٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 ... » »»