كتاب الأربعين العشارية - عبد الرحيم العراقي - الصفحة ١٧٥
آخر من مات من الصحابة، قاله مسلم (1)، وخليفة بن خياط (2)، ومصعب الزبيري، وأبو عمر بن عبد البر (3)، وأبو زكريا بن مندة، وغيرهم. ولم أر لغيرهم خلاف ذلك إلا عن جرير بن حازم فإنه قال: آخرهم موتا سهل بن سعد، وكأنه أخذه من قول سهل بن سعد: لو مت لم تسمعوا أحدا يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان خطاب سهل بن سعد لأهل المدينة، وإنما أراد جرير بن حازم ذلك بدليل أن وهب بن جرير بن حازم روى عن أبيه قال: كنت بمكة سنة عشر ومئة فرأيت جنازة، فسألت عنها. فقالوا: هذا أبو الطفيل. وقد مات سهل قبل ذلك بمدة طويلة وأكثر ما قيل في موته أنه سنة إحدى وتسعين. فعلى هذا يكون الإجماع واحدا على أن آخرهم موتا أبو الطفيل. وإنما اختلفوا في سنة وفاته، فالمشهور أنه في سنة مائة، قاله مسلم وخليفة وابن عبد البر (4). وقيل: بقي إلى سنة اثنين ومائة، وهو قول مصعب الزبيري، وقيل: بقي إلى سبع ومائة وهو قول ابن حبان (5) وعبد الباقي بن قانع، وأبي زكريا ابن مندة. وقيل: بقي إلى سنة عشر ومائة، وصححه الحافظ أبو عبد الله الذهبي في " الوفيات "، والدليل على كذب من ادعى أنه بقي بعد سنة عشر ومائة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في السنة التي مات فيها: " أرأيتم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى أحد ممن على وجه الأرض ". رواه البخاري في " صحيحه " (6). فعلى هذا لم يبق أحد بعد سنة عشر، وكيف يظن عاقل أنه
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»